للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الأولى: خبر الواحد هل يفيد العلم؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: أن خبر الواحد لا يفيد العلم، بل يفيد الظن.

ذهب إلى ذلك الجمهور من العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من

الأدلة:

الدليل الأول: أنه لو كان خبر الواحد يفيد العلم لكان العلم

حاصلاً بخبر الأنبياء إذا أخبروا ببعثهم من غير حاجة إلى إظهار

المعجزات والأدلة على صدقهم، فلما أخبروا عن نبوتهم وأظهروا

المعجزات الدالة على ذلك: ثبت أن خبر الواحد بمجرده لا يفيد

العلم.

الدليل الثاني: أنه لو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لوجب على

القاضي أن يصدق المدعي على غيره من غير بينة؛ لأن العلم يحصل

بقوله، فلما ثبت أنه لا يصدق إلا ببينة ثبت أن خبر الواحد بمجرده

لا يفيد العلم.

الدليل الثالث: أنه لو كان خبر الواحد يفيد العلم لما احتيج إلى

عدد من الشهود - اثنين فأكثر -، بل كان الشاهد الواحد يكفي،

ولما كان الأمر بخلاف ذلك وأنه احتيج إلى عدد من الشهود دلَّ على

أن خبر الواحد بمجرده لا يفيد العلم.

الدليل الرابع: أنه لو كان خبر الواحد يفيد العلم لجاز لخبر

الواحد أن ينسخ القرآن والسُنَّة المتواترة؛ لأنه يكون حينئذٍ - في

قوتهما فيقوى على نسخهما، ولكن لما لم يجز نسخ خبر الواحد