للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتفق عليه الأكثر إذا ظهر الحق في غيره؛ لأن الحق قد يكون مع

الأكثر، وقد يكون مع الأقل، والاحتمالان متساويان، فنتوقف في

ذلك حتى يظهر لنا دليل يرجح أحد هذين الاحتمالين.

والكثرة لا تتميز بشيء؛ لما تقدم من أن العصمة قد ثبتت للكل،

لا للكثرة، وكثيراً ما ظهر أن الحق في جانب قول الأقل.

***

المسألة الثانية عشرة: هل يشترط في انعقاد الإجماع وحجيته

أن يكون له مستند ودليل؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يشترط في الإجماع وحجيته أن يكون له مستند

ودليل ومأخذ يوجب ذلك الإجماع.

وهو مذهب كثير من العلماء، وهو الحق؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: قياس علماء الأمَّة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بيانه:

أنه كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقول شيئاً ولا يحكم بحكم إلا عن وحي، كما قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إن هو إلا وحي

يوحى) ، فكذلك علماء الأُمَّة يجب أن لا يجمعوا على حكم إلا

عن مستند ودليل قد اعتمدوا عليه.

الدليل الثاني: أن عدم المستند من دليل أو أمارة يحتمل عدم

الوصول إلى الحق، مما يؤدي ويفضي إلى جواز الخطأ، فلذلك

قلنا: لا ينعقد الإجماع إلا عن مستند؛ سدا لهذا الاحتمال.

الدليل الثالث: لو جاز انعقاد الإجماع من غير دليل لم يكن

لاشتراط الاجتهاد فيمن يُعتدُّ به في الإجماع معنى؛ لأننا لم نشترط