للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن سب القدر]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد اطلعت على ما نشر في جريدة الرياض العدد ٤٨٨٧ الصادر في ١٧ \ ٩ \ ١٤٠١ هـ تحت زاوية قصة اجتماعية بعنوان "قسوة القدر" بقلم قماشة الإبراهيم، وقد ورد في القصة المذكورة قول الكاتبة: (إننا في هذه الحياة ليس لنا حقوق، إننا أعمار يلهو بها القدر، حتى يملها، فيلقي بها إلى العالم الآخر، والقدر يلهو أحيانا بدموعنا وضحكاتنا) .

وهذا الكلام مناف لكمال التوحيد، وكمال الإيمان بالقدر، فإن القدر لا يلهو، والزمن لا يعبث، وإن كل ما يجري في هذه الحياة هو بتقدير الله وعلمه، والله سبحانه هو الذي يصرف الليل والنهار، وهو الذي يقدر السعادة والشقاء، حسب ما تقتضيه حكمته وقد تخفى تلك الحكمة على الناس؛ لأن علمهم محدود، وعقولهم قاصرة عن إدراك تلك الحكمة الإلهية، وكل ما في الوجود مخلوق لله، خلقه بمشيئته وقدرته، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويغني ويفقر، ويضل ويهدي، ويسعد ويشقي، ويولي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، وقد أحسن كل شيء خلقه، وكل أفعال الخالق وأوامره ونواهيه، لها حكمة بالغة وغايات محمودة، يشكر عليها سبحانه، وإن لم يعرفها البشر لقصور إدراكهم.

وقد ورد في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار (١) » وفي رواية «لا تسبوا الدهر فإني أنا الدهر (٢) » وفي رواية «لا يقل ابن آدم: يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما (٣) » وقد


(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٨٢٦) ، صحيح مسلم الألفاظ من الأدب وغيرها (٢٢٤٦) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢٧٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٣٨) ، موطأ مالك الجامع (١٨٤٦) .
(٢) صحيح مسلم الألفاظ من الأدب وغيرها (٢٢٤٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٩٦) ، موطأ مالك الجامع (١٨٤٦) .
(٣) صحيح مسلم الألفاظ من الأدب وغيرها (٢٢٤٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٧٥) ، موطأ مالك الجامع (١٨٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>