للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س ١٥: إنني أحب الجهاد وقد امتزج حبه في قلبي. ولا أستطيع أن أصبر عنه، وقد استأذنت والدتي فلم توافق، ولذا تأثرت كثيرا ولا أستطيع أن أبتعد عن الجهاد.

سماحة الشيخ: إن أمنيتي في الحياة هي الجهاد في سبيل الله وأن أقتل في سبيله وأمي لا توافق. دلني جزاك الله خيرا على الطريق المناسب.

جـ: جهادك في أمك جهاد عظيم، الزم أمك وأحسن إليها، إلا إذا أمرك ولي الأمر بالجهاد فبادر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا استنفرتم فانفروا (١) » .

وما دام ولي الأمر لم يأمرك فأحسن إلى أمك، وارحمها، واعلم أن برها من الجهاد العظيم، قدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - على الجهاد في سبيل الله، كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه قيل له: «يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله ورسوله قيل ثم أي؟ قال بر الوالدين قيل ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله (٢) » متفق على صحته فقدم برهما على الجهاد، وجاء رجل يستأذنه قال: يا رسول الله أحب أن أجاهد معك فقال له - صلى الله عليه وسلم - «أحي والداك؟ قال: نعم، قال ففيهما فجاهد (٣) » . متفق على صحته.

وفي رواية أخرى قال - صلى الله عليه وسلم - «ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك وإلا فبرهما (٤) » فهذه الوالدة ارحمها وأحسن إليها حتى تسمح لك، وهذا كله في جهاد الطلب، وفيم إذا لم يأمرك ولي الأمر بالنفير، وأما إذا نزل البلاء بك فدافع عن نفسك وعن إخوانك في الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهكذا إذا أمرك ولي الأمر بالنفير فانفر ولو بغير رضاها؛ لقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (٥) {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٦)

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا استنفرتم فانفروا (٧) » متفق على صحته، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.


(١) صحيح البخاري الحج (١٨٣٤) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣) ، سنن الترمذي السير (١٥٩٠) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٤٨٠) ، سنن ابن ماجه الجهاد (٢٧٧٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣١٦) .
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٢٦) ، صحيح مسلم الإيمان (٨٣) ، سنن الترمذي فضائل الجهاد (١٦٥٨) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦٢٤) ، سنن الدارمي الجهاد (٢٣٩٣) .
(٣) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٠٤) ، سنن الترمذي الجهاد (١٦٧١) ، سنن النسائي الجهاد (٣١٠٣) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٢٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٩٣) .
(٤) سنن أبو داود الجهاد (٢٥٣٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٧٦) .
(٥) سورة التوبة الآية ٣٨
(٦) سورة التوبة الآية ٣٩
(٧) صحيح البخاري الحج (١٨٣٤) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣) ، سنن الترمذي السير (١٥٩٠) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٤٨٠) ، سنن ابن ماجه الجهاد (٢٧٧٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>