للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك على نوع من الرعونة والدعوى التي تنافي العبودية وتدخل العبد في نوع من الربوبية التي لا تصلح إلا الله - إلى أن قال - وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ، وسببه ضعف تحقيق العبودية التي بينتها الرسل، وحررها الأمر والنهي الذي جاءوا به بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته) .

وهؤلاء الذين جعلوا أصل عبادتهم المحبة: ( ... سلكوا في دعوى حب الله أنواعاً من أمور الجهل بالدين، إما من تعدي حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله، وإما من ادعاء الدعاوي الباطلة التي لا حقيقة لها ... والذي توسعوا من الشيوخ في سماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل، وكان هذا أصل مقصدهم ... ".

وهناك من جعل أصل عبادته (الخوف) من الله - سبحانه وتعالى - وهؤلاء هم الخوارج الحرورية فقد كانوا يتشددون في أمر الذنب والمعاصي، حتى كفروا المسلمين، وأوجبوا لهم الخلود في النار.

وهنا من عكس فجعل أصل العبادة عنده (الرجاء) وهؤلاء هم المرجئة الذين يجعلون مجرد القول كافياً لحصول العبودية والإيمان، وكل هؤلاء جانبوا الصواب في معرفة أصل العبودية لله - سبحانه وتعالى - بل أخذ كل واحد منهم بجزء من الصواب، وأهمل الأجزاء الأخرى. ولهذا فقد جمع شيخ الإسلام بين هذه الدعائم: الذل، والحب، والخوف، الرجاء مقرراً بذلك قول أهل الحق والعلم، أهل السنة والجماعة من خلال استقراء نصوص الشريعة، وأحوال السلف الصالح، وانتقد من جعل واحداً منها فقط هو أصل العبادة فقال - رحمه الله تعالى:

(والمقصود وهو أن الخلة والمحبة لله تحقيق عبوديته وإنما يغلط في هذه من

<<  <  ج: ص:  >  >>