للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتوراة والإنجيل، أن تلين قلوبهم للقرآن، وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى، إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم. (١)

فهذه أقوال المفسرين في سبب نزول الآية، وعلى قول من قال: إنها نزلت في المنافقين أو في أهل الكتاب، فلا وجه لتنزيلها على الصحابة بحال.

وأما على القول بنزولها فيهم: فإنها لا مطعن فيها على الصحابة،

لأن غاية ما في الآية هو حثهم على أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل عليهم من القرآن، وأن أوان ذلك قد حان، دون أن تتعرض الآية لذمهم أو تنقصهم.

قال الطبري في معنى الآية: «ألم يحن للذين صدقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم لذكر الله فتخضع قلوبهم له، ولما نَزَل من الحق، وهو هذا القرآن الذي نزله على رسوله » . (٢)

وقال ابن كثير: «يقول تعالى: أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله، أي: تلين عند الذكر والموعظة، وسماع القرآن، فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه» . (٣)

وليس في الآية ما يدل على نفي أصل الخشوع من القلب، وهو الخشوع الواجب -كما ادعى هذا الرافضي الحاقد- بل وصف الله تعالى لهم بالإيمان في قوله: ﴿ألم يأن للذين آمنوا﴾ دليل على أن أصل الخشوع موجود، لكنه أراد أن ينقلهم إلى درجة أعلى منه، وذلك أن الخشوع منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فإن قيل فخشوع القلب لذكر الله وما نزل من الحق واجب، قيل: نعم، لكن الناس فيه على قسمين:

مقتصد،


(١) انظر: تفسير القرطبي ١٧/٢٤٠.
(٢) تفسير الطبري ١١/٦٨١.
(٣) تفسير ابن كثير ٢/٣١٠.

<<  <   >  >>