للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد رأيتني يومًا وأنا واقف بين الحريش بن هلال السعدي، وبين مولى له إذ خرج ثلاثة نفر من صنف الخوارج، فشدوا على صفنا فخرقوه حتى دخلوا إلى عسكرنا، ففعلوا ما أرادوا، ثم رجعوا سالمين، وأحدهم آخذ بسنان رمحه يجره في الأرض.

وهو يقول:

وإنا لقوم ما نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا

وننكر يوم الورع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجوز أشقرًا

وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحًا ولا مستنكرًا أن تعقرا

فقلت عند ذلك: ما رأيت ثلاثة نفر بلغوا من عسكر فيه من في عسكرنا ما بلغ هؤلاء.

فقال الحريش: فما يمنعك من مثلها أبا خالد؟ فقلت: من؟ قال: بي، وبك، وبمولاي هذا.

فشددنا ثلاثتنا فصنعنا بصفهم كما صنعوا بصفنا، ثم خرج الحريس آخذًا بزج رمحه يجره، وهو يقول:

حتى خرجن بنا من تحت كوكبهم ... حمرًا من الطعن أعناقًا وأكفالًا

تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا ... بماء فعاد أبعد أبوالا

<<  <   >  >>