للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نثر الغلام الياسمين ببركةٍ ... مملوءةٍ من مائها المتدفق

فكأنما نثر النجوم بأسرها ... في يوم صحوٍ في سماء أزرق

قال علي بن ظافر: وسألني الأعز - رحمه الله تعالى - أن أصنع في مثله، فصنعت:

زهر الياسمين ينثر في الما ... ء أم الزهر في أديم السماء

أم هما مبسم شنيب شتيت ... في رضاب الخريدة الحسناء

ظل يحكي عقود در على صد ... ر فتاةٍ في حلة زرقاء

وإذا خلته حباباً حسبت السماء طيباً كالقهوة الصهباء

وهذا آخر ما وقع لي مما فيه توارد للمعاني وتوافق المباني.

ومما يشبه هذا الباب أن يتفق الشعراء على نظم معنى مخصوص:

[أنبأنا العماد أبو حامد الأصبهاني إجازة]

قال: صنع الشريف أبو المحاسن بن الشريف ضياء الدين فضل الله بن علي بن عبد الله الحسني الراوندي القاشاني في تعريب شعر أعجمي:

إني لأحسد فيه المشط والنشفه ... لذاك فاضت دموع العين مختلفة

هذا يعلق في صدغيه أنمله ... وذا يقبل رجليه بألف شفه

قال: وتسامع الناس بهذا المعنى، فاجتمع على العمل فيه جماعة منهم شمس الدين شاد الغزنوني، وكان حينئذ بأصبهان، فقال:

أني أغار على مشطٍ يعالجه ... ونشفةٍ حظيت من قربه زمنا

هذا يغازل صدغيه وأحرمه ... وذا يقبل رجليه ولست أنا!

وقال أيضاً:

المشط والنشفة المحمود شأنهما ... كلاهما في الهوى بالسعد ملحوظ

فتلك باللثم من رجليه فائزة ... وذاك بالمسك من صدغيه محظوظ

وقال فخر الدين القسام:

أغار منه على مشطٍ ومنشفةٍ ... حتى أغص بدمعٍ فيه منسجم

فذا يمد يديه نحو طرته ... وذي يقبل فوها صفحة القدم

قال العماد: وعملت وأنا في سن الصبا، وشعري حينئذ لا أرضاه:

مشط ومنشفة فيه حسدتهما ... دمعي لذا بهما فياض عارضة

فتلك حاظية من مس إخصمه ... وذاك مستغرق في مسك عارضه

<<  <   >  >>