للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل أحد أشعر مني، وإذا أصيب عرضي في أمير المؤمنين لا أبالي. فقال المتوكل: هذا عدول عن الجواب، قد زعم أنه أشعر منك؛ فإن كان صادقاً قد مناه عليك، وإلا فبرهن عن نفسك. فقال مروان: يا علي، أنت أشعر مني؟ قال: أو تشك في ذلك؟ قال: لشد ما شككت! قال: فالناس يعملون صدقي، قال: فأمير المؤمنين بيننا، قال: إنه يميل إليك. فقال المتوكل: هذا من عيك يا علي. ثم التفت إلى حمدون بن عيسى، وقال له: اقض بينهما. قال: مالي ولما ضغي الأسد! فقال المتوكل: قد أبحت كلاً منكما هجاء صاحبه، فليبين عن نفسه: فقال علي: إنه قد كظني النبيذ فما أقدر على قول الشعر حتى أفيق. فقال مروان: لكنني أقدر يا أمير المؤمنين، قال: قل وعجل، قال:

إن ابن جهمٍ في المغيب يعيبني ... ويقول لي حسناً إذا لاقاني

ويكون حين أغيب عنه شاعراً ... ويضل عنه الشعر حين يراني

وإذا خلونا ناك شعري شعره ... ونزا على شيطانه شيطاني

عظمت حواياه وأربى بطنه ... فكأنما في بطنه ولدان

إن ابن جهم ليس يرحم أمه ... لو كان يرحمها لما هاجاني

فضحك المتوكل والندامى، وانخزل ابن الجهم، فقال المتوكل: بحياتي زد ما حضرك، فقال:

بنت جهمٍ يا عليه ... صرت بعدي قرشيه

قلت ما ليس بحق ... اسكتي يا حلقيه

اسكتي يابنت جهم ... اسكتي يا نبطيه

فجعل المتوكل يضحك ويضرب الأرض برجليه، فقال ابن الجهم: لعمري إن هذا الشعر يشبه قائله. فقال مروان: صدقت إنه لهزل ولكنني أجد بك، ثم قال:

لعمرك ما جهم بن بدر بشاعر ... وهذا علي نجله يدعي الشعرا

ولكن أبي قد كان جاراً لأمه ... فلما ادعى الأشعار أوهمني أمرا

ففضحه في ذلك المجلس. ولم يحر جواباً، إلا أنه قال بعد ذلك بيتين يعنيه بهما، وهما:

<<  <   >  >>