للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفا، فهو تارةً يرشف رضابها، ويجعد ثيابها، وتارة يسبكها مبرداً ويحكيها مسرداً، فأمر بوصفها فقال:

أو ما ترى طرب الغدير إلى النسيم إذا تحرك

بل لو رأيت الماء يلعب في جوانبه لسرك

وإذا الصبا هبت عليه أتاك في ثوبٍ مفرك

وأخبرني الشريف فخر الدين أبو البركات العباس بن عبد الله العباسي الحلبي الكاتب

قال: أخبرني القاضي كمال الدين أبو فخر عبد القاهر ابن المهنأ التنوخي المعري المعروف بخصى البغل قال: كنت بحماة، فأتيت حانوت رجل يعرف بالحكيم أبو الخير، فصادفت عنده رجلا يعرف بالسديد، فطلبت منه يرنية ورد مربى، فقال: لن تراها حتى تقول في شعرا، فقلت: أما المدح فلا، وأما الهجاء فنعم، فقال: هات، فقلت:

أبو الخير أبي الخير ... فلا خير ولا مير

ضئيل ناحل الجسم ... ولكن كله أير

فقال: اصنع في السديد - وكان كبير الأنف، فقلت:

كما أن سديد الدين أنف بس لا غير

تراه بين عينيه ... كناقوسٍ على دير

فقال: وفيك أيضاً، فقلت:

فخذها من خصى البغل ... كمثل البرق في السير

قال علي بن ظافر

ودخل الأعز أبو الفتوح بن قلاقس على بلال بن رافع بن بلال الفزاري، فعرض عليه سيفاً قد نظم الفرند في صفحته جوهره ناره وجمد نهره، وألبسه من جلد الأفاعي رداء، وجسمه ردىً أو داء، لا يمنع من برقه بدر مجن ولا ثريا مغفر، ولا يسلم من حده من ثبت ولا ينجو لطوله من فر، وهو يبكي للنفاق ويضحك، ويرعد للغيظ ويفتك، فأمره بصفة شأنه، فقال بديهاً على لسانه:

أروق كما أروع فإن تصفني ... فإني رائق الصفحات رائع

تدافع بي خطوب الدهر حتى ... نقلت إلى بلال عن مدافع

<<  <   >  >>