للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكر محمد بن خير بقراءته عليه - عن الحافظ أبي القاسم خلف ابن يوسف الشنتريني - عرف بابن الأبرش، - بقراءته على أبي الحسن على ابن بسام، قال: كان أبو العلاء صاعد اللغوي البغدادي كثيراً مل يمدح بلاد العراق بمجلس المنصور بن أبي عامر كفيل المؤيد هشام صاحب الأندلس، فكتب الوزير أبو مروان عبد الملك بن شهيد والد الوزير أبي عامر أحمد صاحب الغرائب الماضية في هذا الكتاب إلى المنصور في يوم برد، وكان أخص وزرائه:

أما ترى برد يومنا هذا ... صيرنا للكمون أفذاذا

قد فطرت صحة الكبود به ... حتى لكادت تعود أفلاذا

فادع بنا للشمول مصطلياً ... نغذ سيراً إليك إغذاذا

وادع المسمى بها وصاحبه ... تدع نبيلاً وتدع أستاذا

ولا تبالي أبا العلاء زها ... بخمر قطربلٍ وكلواذا

ما دام من أرملاط مشربنا ... دع دير عمي وطير ناباذا

وكان المنصور في ذلك اليوم قد عزم على الانفراد بحرمه، فأمر باحضار من جرى رسمه من الوزراء والندماء، وأحضر ابن شهيد في محفة - لنقرس كان يعتاده - وأخذوا في شأنهم، فمر لهم يوم لم يعهدوا مثله، وعلا الطرب وسما بهم حتى تهايجوا ورقصوا بالنوبة، حتى انتهى الدور إلى ابن شهيد، فأقامه الوزير أبو عبد الله بن عباس فجعل يرقص وهو متوكئ عليه وارتجل قائلا:

هاك شيخاً فاده عذر لكا ... قام في رقصته مستهلكاً

لم يطق يرقصها مستثبتاً ... فغدا يرقصها مستمسكا

عاقه عن هزها منفرداً ... نقرس أخنى عليه فاتكا

من وزير فيهم رقاصةٍ ... قام للسكر يناغي ملكا

أنا لو كنت كما تعهدني ... قمت إجلالا على رأسي لكا

قهقة الإبريق مني ضاحكاً ... ورأى رعشة رجلي فبكى

وهذه قطعة مطبوعة وطرفها الأخير واسطتها. وكان قد حضرهم ذلك اليوم رجل بغدادي يعرف بالكك، كان حسن النادرة سريعها، وكان ابن شهيد أحضره إلى المنصور فاستطبعه وارتبطه، فلما رأى ابن شهيد يرقص قائماً مع ألم المرض الذي كان منعه من الحركة قال: لله درك يا وزير ترقص قائماً وتصلي قاعداً: فضحك

<<  <   >  >>