للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن كنت في قعدد أبنائه ... فقد سقى أمك من مائه

فانقطع القلفاظ خجلاً.

أنبأنا الشيخ النبيه الفقيه أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي عن الفقيه أبي القاسم مخلوف بن علي القيرواني عن أبي عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله الحميدي

قال: أخبرني أبو محمد علي بن أحمد الفقيه بن حزم، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الحسن، قال: وجدت بخط أبي قال: أمرنا الحاكم المستنصر بالله بمقابلة كتاب العين للخليل بن أحمد مع أبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي وابني سعيد في دار الملك التي بقصر قرطبة، وأحضر من الكتاب نسخاً كثيرة، في جملتها نسخة القاضي منذر بن سعيد التي رواها بمصر عن ابن ولاد، فمر لنا صدر من الكتاب بالمقابلة، فدخل علينا المستنصر في بعض الأيام فسألنا عن النسخ، فقلنا له: إن نسخة القاضي التي كتبها بخطه محرفة، وأريناه مواضع مغيرة وأبياتاً مكسورة، وأسمعناه ألفاظاً مصحفة ولغات مبدلة. فعجب من ذلك وسأل أبا علي، فقال له نحو ذلك، واتصل المجلس بالقاضي، فكتب إلى المستنصر رقعة فيها:

جزى الله الخليل الخير عنا ... بأفضل ما جزى فهو المجازي

وما خطأ الخليل سوى المغيلي ... وعضروطين في دار الطراز

فصار القوم زرية كل زارٍ ... وسخرية وهزأة كل هازٍ

فلما دخلنا على المستنصر قال لنا: أما القاضي فقد هجاكم، وناولنا الرقعة بخط القاضي - وكانت تحت شيء بين يديه - فقرأناها وقلنا: يا مولانا نحن نجل مجلسك الكريم عن انتقاص أحدٍ فيه، لا سيما مثل القاضي في سنه ومنصبه، فإن أحب مولانا أن يقف على حقيقة ما استدركناه فليحضره وليحضره الأستاذ أبا علي، ثم نتكلم على كل كلمة استدركناها عليه؛ فقال: قد ابتدأكم والبادي أظلم، وليس على من انتصر لوم، قال أبي: فمددت يدي إلى الدواة وكتبت بين يديه:

هلم فقد دعوت إلى البراز ... وقد ناجزت قرناً ذا نجاز

ولا تمش الضراء فقد أثرت ال ... أسود الغلب تخطو باحتفاز

وأصحر للقاء تكن صريعاً ... بماضي الحد مصقولٍ جراز

رويت عن الخليل الوهم جهراً ... لجهلك بالحقيقة والمجاز

دعوت له بخيرٍ ثم أخنت ... يداك على مفاخره العزاز

<<  <   >  >>