للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وأخبرني الفقيه أبو ثابت بن حسن الكربوني بالإسكندرية]

قال: حضرت أنا والأديب عبد المنعم بن صالح الجزيري صاحبنا ببعض الأماكن، ورجل يقرأ المقامات التي صنفها الحريري على رجل آخر، وهما يصحفان فيها، فقال عبد المنعم:

ياأيها الثور البهيم الذي ... يقرأ المقامات على الثور

ثم استجازني، فقلت:

دع المقامات لأربابها ... وعد إلى النافات والدور

قال علي بن ظافر

حضر عندي وأنا برأس العين في خدمة الملك الأشرف - أدام الله أيامه - الأديب الموفق علي بن محمد البغدادي الساكن بها والفقيه بهاء الدين بن كساء الشاعران، وعندنا رجل يعرف بالضياء بن الزراد - مصري معروف - وكانوا يمجنون، فعمل ابن كساء بديهةً وقال:

رأيت الضياء وفي دبره ... قمد كزند البعير الشديد

ثم استجاز الموفق، فقال في الحال:

كأن جهنم في دبره ... تقول لآتيه: هل من مزيد!

ثم صنع الموفق فيه بديهاً:

زمان الضياء رعاه الإله عيد ولكن به يرتزق

فطوراً بأعلاه رمى القبق ... وطوراً بأدناه طعن الحلق

بنا وبه أعظم الحالتين ... فمنه البغاء ومنا الشبق

فلو جمعتنا به خلوة ... لقد قيل وافق شن طبق

وهذا المعنى الذي فيه ذكر الحلق والقبق معنى مطبوع؛ إلا أنه لم يحسن نظمه، وقد نظمته أنا على سبيل التجريب للخاطر، فقلت:

لقد عيد الترك في ذا الرقيع ... وعاطوه باللعب أكواسه

بنيك يقطع أعفاجه ... وصفعٍ يزعزع أضراسه

فكم جعلوا حلقة دبره ... وكم جعلوا قلبقاً راسه

وقلت أيضاً في المعنى:

أصبح عيداً للترك من هو كالمأتم في عين من رأى خلقه

وفوه بالنيك تارةً وبمر ... الصفع أخرى من لعبهم حقه

<<  <   >  >>