للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضي ببعض، حتى انكرت نفسي وتحسرت على أمسي، وقلت في وصف حالي

لما بلغت من الحياة إلى المدى ... قد كنت أهواه تمنيت الردا

لم يبقى طول العمر مني منة ... ألقى بها صرف الزمان إذا اعتدا

ضعفت قواي وخانني الثقتان ... من بصري وسمعي حين شارفت المدى

فإذا نهضت حسبت أني حامل ... جبلاً وأمشي إن مشيت مقيدا

وأدب في كفي العصا وعهدتها ... في الحرب تحمل أسمراً ومهندا

وأبيت في لين المهاد مسهداً ... بلغ الكمال وتم عاد كما بدا

وأنا القائل بمصر أذم من العيش الراحة والدعة وما كان أعجل تقضيه وأسرعه

أنظر إلى صرف دهري كيف عودني ... بعد المشيب سوى عاداتي الأول

وفي تغاير صرف الدهر معتبر ... وأي حال على الأيام لم تحل

قد كنت مسعر حرب كلما خمدت ... أذكيتها باقتداح البيض في القلل

همي منازلة الأقران أحسبهم ... فراشي فهم مني على وجل

أمضي على الهول من ليل وأهجم من ... سيل وأقدم في الهيجاء من أجل

فصرت كالغداة المكسال مضجعها ... على الحشايا وراء السجف والكلل

قد كدت أعفن من طول الثواء كما ... يصدئ الهند طول اللبث في الخلل

أروح بعد دروع الحرب في حلل ... من الدبيقي فبؤساً لي وللحلل

وما الرفاهة من رامي ولا أربي ... ولا التنعيم من شأني ولا شغلي

ولست أرضى بلوغ المجد في رفه ... ولا العلى دون حطم البيض والأسل

وكنت أظن ان الزمان لايبلي جديده ولا يهي شديده، واني إذا عدت إلى الشام وجدت به أيامي كعهدي ما غيرها الزمان بعدي. فلما عدت كذبتني وعود المطامع، وكان ذلك الظن كالسراب اللامع. اللهم غفرًا هذه جملة اعتراضية عرضت، ونفثة هم اقضت ثم انقضت.

<<  <   >  >>