للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقبت عني في البلاد ودوني الحزن والسهل، بمضيعة من الأرض لامال لدي ولا أهل. فأستنقذني من أنياب النوائب براية الجميل وحملني إلى بابه العالي بإنعامه الغامر الجزيل، وجبر ما هاضه الزمان مني، ونفق على كرمه ما كسد عليه من سواه من علو سني، فغمرني بغرائب الرغائب، وانهينني من إنعامه اهنى المواهب حتى رعى لي بفائض الكرم، ما اسلفت سواه من الخدم، فهو يعتد لي بذلك ويرعاه رعاية من كأنه شاهد وراه، فعطاياه تطرقني وأنا راقد وتسري إلي وأنا محتسب قاعد، فأنا من إنعامه كل يوم في مزيد، وإكرام كتكرمة الأهل وأنا أقل العبيد. امنني جميل رأيه حادث الحادثات، وأخلف لي إنعامه ما سلبه الزمان بالنكبات المجحفات، وأفاض علي من نوافل فضله بعد تأدية فرضه وسنته، ما يعجز الأعناق عن حمل ايسر منته. ولم يبقى لي جوده املاً ارجوا نيله، اقضي زماني بالدعاء به نهاره وليله، والرحمة التي تدارك بها العباد، أحيى ببركتها البلاد، والسلطان الذي أحيى سنة الخلفاء الراشدين، واقام عمود الدولة والدين، والبحر الذي لا ينضب لكثرة الواردين مأوه، والجواد الذي لا ينقطع مع تتابع الوافدين عطاؤه. فلا زالت الأمة من سيوفه في حمى منيع، ومن إنعامه في ربيع مريع. ومن عدله في أنوار تكشف عنهم ظلم المظالم، وتكف بسطة يد المعتدي الغانم، ومن دولته القاهرة في ظل وارف، وفي سعود متتابع آنف في أثر سالف، ما تعاقب الليل والنهار، ودار الفلك الدوار

<<  <   >  >>