للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقول: يعني المصغر ما زيد فيه شئ حتى يدل على تقليل، فيشمل المهمات كذيَّاكَ واللَّذَيَّا وغيرهما، والتقليل يشمل تقليل العدد كقولك: " عندي دُرَيْهِمَات " أي أعدادها قليلة، وتقليل ذات المصغر بالتحقير حتى لا يتوهم عظيماً نحو كُلَيْب وَرُجَيْل، ومن مجاز تقليل الذات التصغيرُ المفيد للشفقة والتلطف كقولك يا بُنَيَّ وَيا أُخَيَ، وأنت صُدَيِّقي، وذلك لأن الصِّغَار يشفق عليهم ويتلطف بهم، فكني بالتصغير عن عزة المصغر على من أُضيف إليه، ومن ذلك التصغير المفيد للملاحة كقولك هو لطيف مليح ومه قوله: - ٣ - يا ما أميلح غزلا ناشدن لَنَا * (١) (مِنْ هؤُلَيَّائِكنَّ الضَّالِ وَالسَّمُرِ) وذلك لأن الصغار في الأغلب لطاف ملاح، فإذا كبرت غَلُظَت وَجَهُمَت، ومن تقليل ذات المصغر تصغير قبل وبعد في نحو قولك خروجي قُبَيْل قيامك، أو بُعَيْده، لأن القبل هو الزمان المتقدم على الشئ، والبعد هو الزمان المتأخر عنه، فمعنى قبيل قيامك أي في زمان متقدم على قيامك صغير المقدار، والمراد أن الزمان الذي أوله مقترن بأخذي في الخروج وآخره متصل بأخذك في القيام صغير المقدار، ومنه تصغير الجهات الست كقولك: دُوَيْن النهر، وفُوَيْق الأرض، على ما ذكرنا من التأويل في قبيل وبعيد، والغرض من تصغير مثل هذا الزمان والمكان


(١) هذا البيت قد اختلف في نسبته إلى قائله فنسبه قوم إلى العرجى ونسبه جماعة إلى بدوى سموه كاملا الثقفى ونسبه قوم إلى الحسين بن عبد الرحمن العريني وأميلح: تصغير أملح، وهو فعل تعجب من الملاحة وهي البهجة وحسن المنظر، والفعل ككرم، والغزلان جمع غزال.
وشدن بتشديد النون: فعل ماض مسند إلى نون النسوة وتقول: شدن الغزال يشدن شدونا مثل خرج يخرج خروجا، إذا
قوي وطلع قرْنَاه واستغنى عن أمه.
وهؤلياء: تصغير هؤلاء.
والضال: جمع ضالة وهو السدر البري (والسِّدر شجر النبق) .
والسَّمُر - بفتح فضم - جمع سَمُرة، وهي شجرة الطلح وسقط من الاصل الشطر الثاني من البيت (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>