للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يدغم أحدهما في مقاربه، فكأنه قال: كيف أدغِمَ أحدهما في الآخر في سيّد وليّ؟ ثم أجاب بأن قلب الواو إلى الياء لو كان للإدغام لورد ذلك، لكنه إنما قلبت ياء لاستثقال اجتماعهما لا للادغام، ولهذا تقلب الواو ياء: سواء كانت أولى أو ثانية، ولو كان القلب لإدغام أحد المتقاربين في الآخر لقلبت الأولى إلى الثانية فقط، كما هو القياس، ثم بعد القلب اجتمع ياءان أولاهما ساكنة فوجب الإدغام، فهذا من باب إدغام المتماثلين لامن إدغام المتقاربين، وفي هذا الجواب نظر، لأن القلب لو كان لمجرد استثقال اجتماعهما لقلب الواو ياء، وأولاهما متحركة كطويل وطَوَيْت، فعرفنا أن القلب من أول الأمر لأجل الإدغام وذلك لأن الواو والياء تقاربتا في الصفة، وهى كونهما لينتين ومجهورتين وبين الشديدة والرخوة

وإن لم يتقاربا في المخرج، فأدعمت إحداهما في الأخرى وقلبت الواو، وإن كانت ثانية، لأن القصد التخفيف بالإدغام، والواو المشددة ليست بأخف من الواو والياء كما قلنا في اذْبَحَّتوداً واذَبَحَّاذِهِ، فجعل التقارب في الصفة كالتقارب في المخرج، وجرّأهم على الإدغام أيضاً سكون الأول وكونه بذاك عرضة للإدغام، وأما فضيلة اللين فلا تذهب - كما قلنا - لأن كل واحدة منهما متصفة بتلك الصفة.

قوله " وأدغمت النون في اللام " اعتراض آخر على نفسه، وذلك أن فضيلة الغُنَّة تذهب بالإدغام، وأجلب المصنف بأنها وإن كانت تذهب بالإدغام لكنهم اغتفروا ذلك، لأن النون نبرة: أي رفع صوت، وهذا جواب فيه نظر أيضاً، لأنه إن كان الموجب للإدغام النيرة فَلْتُخْفَ بلا إدغام كما تخفى مع القاف والكاف والدال والتاء وغيرهما، كما يجئ والحق أن يقال: إن للنون مخرجين: أحدهما في الفم، والآخر في الخيشوم إذ لابد فيها من الغنة، وإذا أردت إخراجها في حالة واحدة من المخرجين، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>