للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والأصل فيها الحل، لأنها وسيلة، وقد أذن النبي صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن عمرو أن يكتب ما سمعه منه، رواه أحمد بإسناد حسن (١) . فإن خيف منها محذور شرعي منعت، وعلى هذا يحمل النهي في قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه" (٢) . رواه مسلم وأحمد واللفظ له.

وإذا توقف عليها حفظ السنة وإبلاغ الشريعة كانت واجبة، وعليه تحمل كتابة النبي صلّى الله عليه وسلّم بحديثه إلى الناس يدعوهم إلى الله عزّ وجل ويبلغهم شريعته، وفي "الصحيحين" (٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خطب عام الفتح فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال: "اكتبوا لأبي شاه"، يعني الخطبة التي سمعها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ج - صفتها:

وتجب العناية بكتابة الحديث؛ لأنها إحدى وسيلتي نقله، فوجبت العناية بها كنقله عن طريق اللفظ.

وللكتابة صفتان: واجبة ومستحسنة:

فالواجبة: أن يكتب الحديث بخط واضح بيِّن، لا يوقع في الإشكال والالتباس.

والمستحسنة: أن يراعي ما يأتي:

١ - إذا مر بذكر اسم الله كتب: تعالى، أو عزّ وجل، أو سبحانه، أو غيرها من كلمات الثناء الصريحة بدون رمز.

وإذا مر بذكر اسم الرسول صلّى الله عليه وسلّم كتب: صلّى الله عليه وسلّم، أو عليه الصلاة والسلام صريحة بدون رمز، قال العراقي في "شرح ألفيته" في المصطلح: ويكره أن يرمز للصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في الخط بأن يقتصر على حرفين ونحو ذلك، وقال أيضاً: ويكره حذف واحد من الصلاة، أو التسليم، والاقتصار على أحدهما (٤) . اهـ.

* وإذا مر بذكر صحابي كتب: رضي الله عنه، ولا يخص أحداً من الصحابة بثناء، أو دعاء معين يجعله شعاراً له كلما ذكره. كما يفعل الرافضة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قولهم عند ذكره: عليه السلام أو كرم الله وجهه، قال ابن كثير (٥) : فإن هذا من باب التعظيم، والتكريم، فالشيخان يعني: أبا بكر وعمر وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه. اهـ.


(١) رواه أحمد (٢/٢١٥/٧٠١٨٩ وابن خزيمة في "صحيحه" (٤/٢٦/٢٢٨٠) كتاب الزكاة، ٢٩٩- باب النهي عن الجلب عند أخذ الصدقة. وحسنه الألباني.
(٢) رواه مسلم (٣٠٠٤) كتاب الزهد والرقائق، ١٦- باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم. وأحمد (٣/١٢/١١١٠٠)
(٣) رواه البخاري (١١٢) كتاب العلم، ٣٩- باب كتابة العلم. ومسلم (١٣٥٥) كتاب الحج، ٨٢- باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام.
(٤) هو في "شرحه لألفيته" (ص٢٣٧-٢٣٩) .
(٥) ابن كثير، هو في "تفسيره" (٣/٥١٧-٥١٨ الفكر) .

<<  <   >  >>