للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهُ قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَمِلْحٌ فَجَعَلَ يَضَعُ مَوْضِعَ اللَّدْغَةِ فِي الْمَاءِ، وَالْمِلْحِ وَيَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حَتَّى سَكَنَتْ» .

هَذَا عِلَاجٌ مُرَكَّبٌ مِنْ إلَهِيٍّ وَطَبِيعِيٍّ فَإِنَّ شُهْرَةَ فَضَائِلِ هَذِهِ السُّوَرِ مِنْ التَّوْحِيدِ مَعْرُوفٌ غَيْرُ خَافٍ.

وَأَمَّا الْمِلْحُ فَفِيهِ نَفْعُ كَثِيرٍ مِنْ السَّمُومِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَخَّنُ، يُوضَعُ عَلَيْهَا مِرَارًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَ بِزْرِ كَتَّانٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَشَيْءٍ مِنْ لَبَنِ شَجَرِ التِّينِ. وَالْمِلْحُ يَجْذِبُ السَّمَّ وَيُحَلِّلُهُ بِقُوَّتِهِ الْجَاذِبَةِ الْمُحَلِّلَةِ، وَفِي الْمَاءِ تَبْرِيدُ لِنَارِ اللَّدْغَةِ فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا عِلَاجٌ تَامٌّ سَهْلٌ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلَاجَهُ بِالتَّبْرِيدِ، وَالْجَذْبِ، وَالْإِخْرَاجِ، وَلِهَذَا بَدَأَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ بِشَرْطِ مَوْضِعِ اللَّدْغَةِ وَحَجْمِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَالْمِلْحُ وَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ الْحِجَامَة وَلَعَلَّهَا لَمْ تَتَيَسَّر فِي ذَلِكَ الْوَقْت أَوْ قَصَدَ الْأَسْهَلَ، وَالدَّوَاءُ الْإِلَهِيُّ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ وَأَشْرَفُ مِنْ الدَّوَاءِ الطَّبِيعِيِّ.

وَلِهَذَا قَدْ يَمْنَعُ الْإِلَهِيُّ وُقُوعَ السَّبَبِ وَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَكْمُلْ تَأْثِيرُهُ فَهُوَ يَحْفَظُ الصِّحَّةَ وَيُزِيلُ الْمَرَضَ، وَالدَّوَاءُ الطَّبِيعِيُّ لَا أَثَر لَهُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الدَّاءِ وَذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي الْأَخْبَارِ وَقَدْ ذَكَرْتُ بَعْضَهُ هُنَا وَفِيمَا يَقُولهُ عِنْدَ الصَّبَاحِ، وَالْمَسَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ فِي عِلَاجِ الِاحْتِرَاقِ وَالْكَيِّ: يُبَرَّدُ بِخِرْقَةٍ بُلَّتْ بِمَاءِ الْوَرْدِ الْمُبَرَّدِ بِالثَّلْجِ وَمِمَّا يُسَكِّنُ الْوَجَعَ بَيَاضُ الْبَيْضِ الرَّقِيقِ إذَا دُهِنَ بِدُهْنِ الْوَرْدِ وَبُلَّتْ بِهِ خِرْقَةٌ وَوُضِعَتْ عَلَيْهِ.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ اشْتَكَى ضِرْسَهُ فَلْيَضَعْ أُصْبُعَهُ عَلَيْهِ وَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: ٢٣] » .

<<  <  ج: ص:  >  >>