للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بَأْسَ أَنْ يَخُصَّ الضَّيْفَ بِشَيْءٍ وَيَخْتَصَّ بِشَيْءٍ وَيَشْتَرِكَانِ فِي شَيْءٍ حَتَّى فِي الْخُبْزِ لَا سِيَّمَا مَعَ الْحَاجَةِ وَأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ إنْ شَاءَ أَبْقَى الْأَرْغِفَةَ صِحَاحًا وَإِنْ شَاءَ كَسَرَهَا أَوْ بَعْضَهَا وَإِنَّ الضَّيْفَ يُبْقِي ذَلِكَ، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَسَاوِيَ الضِّيفَانِ فِيمَا حَضَرَ أَوْلَى بَلْ قَدْ يَتَوَجَّهُ أَنْ لَوْ بَادَرَ أَحَدُهُمْ إلَى أَكْلِ مَا حَضَرَ مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَأْذَنُ فِيهِ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَلَا يُعْجِبُهُ وَيَتَسَخَّطُ بِهِ عَادَةً وَعُرْفًا.

وَفِيهِ أَخْذُ الْإِنْسَانِ بِيَدِ صَاحِبِهِ فِي تَمَاشِيهِمَا وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ يَحْرُمُ رَفْعُ الْمَائِدَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْأَكْلِ لَا بِالرَّفْعِ وَلَوْ نَاوَلَ الضَّيْفَ لُقْمَةً مِنْ طَعَامِ ضَيْفٍ آخَرَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْآخِذِ أَنْ يَأْكُلَ بَلْ يَضَعُ، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنْ الْمَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْأَكْلِ لَا بِالْإِعْطَاءِ.

وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِهِمْ يَحِلُّ لَهُ لِلْعَادَةِ، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَ بَعْضُ الْخَدَمِ الَّذِي هُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ الْمَائِدَةِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ سَائِلًا وَلَا إنْسَانًا دَخَلَ هُنَاكَ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ عَادَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ نَاوَلَ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ، وَاللَّحْمِ كَلْبَ صَاحِبِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرَهُ لَا يَسَعُهُ، وَلَوْ نَاوَلَهُ الطَّعَامَ، وَالْخُبْزَ الْمُحْتَرِقِ وَسِعَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً انْتَهَى كَلَامُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْعِمَ رَبُّ الطَّعَامِ مِنْ حَضَرَهُ شَيْئًا مِنْهُ ذَكَرَ ابْنُ عَبْد الْبَرِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ قَالَ الْكِلَابُ ضَعَفَةُ الْجِنِّ فَإِذَا حَضَرَ طَعَامُكُمْ فَاطْرُدُوهُمْ وَأَطْعِمُوهُمْ شَيْئًا فَإِنَّ لَهَا أَنْفُسَ سُوءٍ يَعْنِي أَعْيُنَ سُوءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>