للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَسَمُهُ وَيَتَطَهَّرُ فَمُهُ كَذَا قَالَ، وَقَدْ «أَكَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَحْمًا وَغَيْرَهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَمَضْمَضْ» .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَهْلٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِهِ» .

وَفِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَقَوْلُهُ فَتَلَّهُ أَيْ وَضَعَهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَيْمَنَ فِي مِثْلِ هَذَا يُقَدَّمُ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا أَوْ صَغِيرًا.

وَاسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِإِدْلَالِهِ عَلَيْهِ يَتَأَلَّفُ الْأَشْيَاخِ وَفِيهِ بَيَانُ هَذِهِ السُّنَّةِ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْذَانُهُ فِي تَرْكِ حَقِّهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ وَهَلْ يَجُوزُ؟ يَخْرُجُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْإِيثَارِ بِالْقُرَبِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ الْأَعْرَابِيَّ لِمَخَافَةِ إيحَاشِهِ فِي صَرْفِهِ إلَى أَصْحَابِهِ وَلِتَوَهُّمِهِ شَيْئًا يَهْلَكُ بِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَفِيهِ التَّذْكِيرُ بِبَعْضِ الْحَاضِرِينَ مَخَافَةَ نِسْيَانِهِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مُبَاحٍ أَوْ مَجْلِسِ عَالِمٍ أَوْ كَبِيرٍ فَهُوَ أَحَقُّ مِمَّنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ، وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْجُمْلَةِ. فَأَمَّا إنْ عُرِفَ كُلُّ إنْسَانٍ بِمَكَانٍ وَمَنْزِلَةٍ وَصَارَ ذَلِكَ عَادَةً وَعُرْفًا لَهُمْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ فِيهِ مِنْ الشَّرِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>