للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ وَآدَابٍ تَتَعَلَّقُ بِالْحَمَّامِ)

وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي الْحَمَّامِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ وَقِيلَ: يُكْرَهُ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُكْرَهُ لَهُ الْكَلَامُ فِي مَوَاضِعِ الْمِهَنِ الْمُسْتَقْذَرَةِ كَالْحَمَّامِ وَالْخَلَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَيُجْزِئُ الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ بِمَاءِ الْحَمَّامِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ تَارَةً يَغْتَسِلُ مِنْ الْأُنْبُوبِ، فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ نَجِسَةٌ وَلَا إنَاءَ مَعَهُ أَخَذَ الْمَاءَ بِفِيهِ وَغَسَلَهَا.

وَقَالَ فِي الشَّرْحِ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ عِنْدِي مَاءُ الْحَمَّامِ طَاهِرٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِي وَهَلْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يُبَاشِرُهُ مَنْ يَتَحَرَّى وَمَنْ لَا يَتَحَرَّى وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ

(وَالثَّانِي) لَا يُكْرَهُ لِكَوْنِ الْأَصْلُ طَهَارَتُهُ فَهُوَ كَالْمَاءِ الَّذِي شَكَكْنَا فِي نَجَاسَتِهِ كَذَا.

قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا مَاءٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَمُقْتَضَى الْخِلَافِ فِيهِ أَنْ يَجْرِيَ فِي كُلِّ مَاءٍ مَشْكُوكٍ فِي نَجَاسَتِهِ.

وَيُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْمُسْتَحَمِّ وَدُخُولُ الْمَاءِ بِلَا مِئْزَرٍ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ.

وَهَلْ يَحْرُمُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ خَلْوَةً لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ يُكْرَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ قَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ، وَيُبَاحُ كَشْفُهَا لِخِتَانٍ وَتَدَاوٍ وَمَعْرِفَةِ بُلُوغٍ وَبَكَارَةٍ وَوِلَادَةٍ وَعَيْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْن الْجَوْزِيِّ فِي مِنْهَاجِ الْقَاصِدِينَ وَيُكْرَهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ قَرِيبًا مِنْ الْغُرُوبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فَإِنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ صَالِحٌ كَانَ أَبِي يَتَنَوَّرُ فِي الْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ لِي يَوْمًا أُرِيدُ أَنْ أَدْخُلَ الْحَمَّامَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَكَانَ يَوْمًا شَتْوِيًّا قُلْ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ فَقُلْت لَهُ فَلَمَّا كَانَ الْمَغْرِبُ قَالَ: ابْعَثْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إنِّي قَدْ صُرِفَتْ عَنْ الدُّخُولِ، وَتَنَوَّرَ فِي الْبَيْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>