للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَعْزُ إلَى أَحَدٍ خَمْسَةٌ لَا يُسْتَحْيَ مِنْ خِدْمَتِهِمْ السُّلْطَانُ وَالْوَالِدُ وَالْعَالِمُ وَالضَّعِيفُ وَالدَّابَّةُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

قَالُوا تَقَرَّبْ مِنْ السُّلْطَانِ قُلْتُ لَهُمْ ... يُعِيذُنِي اللَّهُ مِنْ قُرْبِ السَّلَاطِينِ

إنْ قُلْتُ دُنْيَا فَلَا دُنْيَا لِمُمْتَحَنٍ ... أَوْ قُلْتُ دِينًا فَلَا دِينَ لِمَفْتُونِ

وَمِنْ الْأَمْثَالِ فِي صُحْبَةِ السُّلْطَانِ: السُّلْطَانُ كَالنَّارِ إنْ بَاعَدْتَهَا بَطَلَ نَفْعُهَا، وَإِنْ قَارَبْتَهَا عَظُمَ ضَرَرُهَا صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الْأَسَدِ يَهَابُهُ النَّاسُ، وَهُوَ لِمَرْكَبِهِ أَهْيَبُ، أَجْرَأُ النَّاسِ عَلَى الْأَسَدِ أَكْثَرُهُمْ لَهُ رُؤْيَةً، إذَا قَالَ السُّلْطَانُ لِعُمَّالِهِ هَاتُوا فَقَدْ قَالَ خُذُوا مَنْ خَدَمَ السُّلْطَانَ خَدَمَتْهُ الْإِخْوَانُ ثَلَاثَةٌ لَا أَمَانَ لَهُمْ: السُّلْطَانُ وَالْبَحْرُ وَالزَّمَانُ، مِثْلُ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ كَقَوْمٍ رَقُوا جَبَلًا ثُمَّ وَقَعُوا مِنْهُ فَكَانَ أَبْعَدُهُمْ مِنْ الْمُرْتَقَى أَقْرَبَهُمْ إلَى التَّلَفِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي أَبِي إنِّي أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُدْنِيك وَيُقَرِّبُك فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا: إيَّاكَ أَنْ يُجَرِّبَ عَلَيْك كَذْبَةً، وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَابَ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُفْشِيَ لَهُ سِرًّا. ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ثَلَاثٌ وَأَيُّ ثَلَاثٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ قَالَ: بَلْ كُلُّ وَاحِدَةٍ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةِ آلَافٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>