للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ التَّوَسُّطُ فِي كُلِّ شُؤُونِهِ لِلتَّأَسِّي بِهِ]

ِ) قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي مَلْبَسِهِ وَنَفَقَتِهِ وَلْيَكُنْ إلَى التَّقَلُّلِ أَمْيَلَ فَإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ الِاحْتِرَازُ مِمَّا يُقْتَدَى بِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ مَتَى تَرَخَّصَ فِي الدُّخُولِ عَلَى السَّلَاطِينِ وَجَمْعِ الْحُطَامِ فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ كَانَ الْإِثْمُ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا سَلِمَ هُوَ فِي دُخُولِهِ فَلَمْ يَفْقَهُوا كَيْفِيَّةَ سَلَامَتِهِ، وَكَلَامُ ابْنُ الْبَنَّا: فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَأَنْشَدَ:

إذَا قَنَعْتَ بِمَيْسُورٍ مِنْ الْقُوتِ ... أَصْبَحْتَ فِي النَّاسِ حُرًّا غَيْرَ مَمْقُوتِ

يَا قُوتَ نَفْسِي إذَا مَا دَرَّ خَلْفَكَ لِي ... فَلَسْتُ آسَى عَلَى دُرٍّ وَيَاقُوتِ

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَا عَالَ مَنْ اقْتَصَدَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ يَا عُلَمَاءُ مَا نَقْنَعُ مِنْكُمْ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ زِيِّ تَصَارِيفِكُمْ، فَإِنَّ طَبِيبًا بِهِ مِثْلُ مَرَضِي فَضَيَّقَ عَلَيَّ الْأَغْذِيَةَ وَلَا يَحْتَمِي مَشْكُوكٌ فِي صِدْقِهِ عِنْدِي، فَالْحَظُوا حَالَ مَنْ أَنْتُمْ مِنْ وَرَثَتِهِ كَيْفَ غُفِرَ لَهُ.

ثُمَّ قَامَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ يَا سِبَاعُ يَا قُطَّاعَ الطَّرِيقِ لَا تُرَوْنَ إلَّا عَلَى مَطَارِحِ الْجِيَفِ: نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَعَ مِنْ الْمَرْأَةِ بِإِشَارَتِهَا إلَى السَّمَاءِ وَأَنْتُمْ تُشَكِّكُونَ النَّاسَ فِي الْعَقَائِدِ، انْفَتَحَ بِكَلَامِكُمْ الْبَثْقُ الْعَظِيمُ وَهُوَ كَلَامُ الدَّهْرِيَّةِ وَالْمُلْحِدَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>