للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ لَوْ شَخَصْتُ نَحْوَكَ قَاصِدًا، لَكَانَ ذَلِكَ دُونَ الْحَقِّ لَكَ، وَلَكِنِّي عَلِقٌ بِمَا تَعْلَمُهُ مِنْ الْعَمَلِ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُتَابِعَ كَتْبِي وَأَسْلُكَ سَبِيلًا مِنْ الثِّقَلِ فَأَنَا وَاقِفٌ بِمَنْزِلَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ أَرْجُو أَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْإِبْرَامِ، وَأَنَا وَإِنْ أَبْقَيْتُهُ عَلَيْكَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي شُغْلِكَ، فَلَسْتُ بِمُمْتَنِعٍ مِنْ سُؤَالِكَ التَّطَوُّلَ بِتَعْرِيفِي جُمْلَةً مِنْ خَبَرِكَ، أَسْكُنُ إلَيْهَا، وَأَعْتَدُّ بِالنِّعْمَةِ فِيهَا وَأَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهَا.

وَكَتَبَ آخَرُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ قَضَى الْحَاجَاتِ لِإِخْوَانِهِ وَاسْتَوْجَبَ الشُّكْرَ عَلَيْهِمْ، فَلِنَفْسِهِ عَمِلَ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ إذَا وُضِعَ عِنْدَ مَنْ شَكَرَهُ فَهُوَ زَرْعٌ لَا بُدَّ لِزَارِعِهِ مِنْ حَصَادِهِ، أَوْ لِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ. وَكَتَبَ آخَرُ: لَا تَتْرُكْنِي مُعَلَّقًا بِحَاجَتِي، فَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ خَيْرٌ مِنْ الْمَطْلِ الطَّوِيلِ.

(تَعْزِيَةٌ) إذَا اسْتَوَى الْمُعَزِّي وَالْمُعَزَّى فِي النَّائِبَةِ، اسْتَغْنَى عَنْ الْإِكْثَارِ فِي الْوَصْفِ لِمَوْضِعِ الرَّزِيَّةِ وَكَانَ ظُهُورُهُ يُغْنِي عَنْ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّ لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، إقْرَارًا بِالْمُلْكِ لَهُ، وَاعْتِرَافًا بِالْمَرْجِعِ إلَيْهِ، وَتَسْلِيمًا لِقَضَائِهِ، وَرِضًا بِمَوَاقِعِ أَقْدَارِهِ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتٍ مُتَّصِلَةً بَرَكَاتُهَا، وَأَنْ يُوَفِّقَ لِمَا يُرْضِيهِ عَنْك قَوْلًا وَفِعْلًا حَتَّى يَكْمُلَ لَك ثَوَابُ الصَّابِرِينَ الْمُحْتَسِبِينَ، وَأَجْرُ الْمُطِيعِ الْمُمْتَحَنِ لِلْوَعْدِ، فَرَحِمَ اللَّهُ فُلَانًا وَأَنْزَلَهُ مَنَازِلَ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ يَرْضَى سَعْيَهُمْ، وَيَطُولُ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ، إنَّهُ وَلِيٌّ قَدِيرٌ.

كَتَبَ آخَرُ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِتَمْكِينِهِ إيَّاكَ فِي النِّعْمَةِ، وَإِعْلَائِهِ يَدَكَ بِالْقُدْرَةِ، وَصَلَ بِك آمَالَ الْمُؤَمِّلِينَ، وَخَصَّ بِجَمِيلِ الْحَظِّ مِنْكَ أَهْلَ الْمُرُوءَةِ وَالدِّينِ، وَقَدْ حَلَلْنَا بِفِنَائِكَ، وَأَمَلْنَا حُسْنَ عَائِدَتِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ تُودِعَنَا مِنْ مَعْرُوفِكَ مَا تَجِدُ عِنْدَنَا شُكْرَهُ، وَالْوَفَاءَ بِمَا تُسْدِي إلَيْنَا مِنْهُ، وَأَنْتَ بَيْنَ صَنِيعَةٍ مَشْكُورَةٍ وَمَثُوبَةٍ مَذْخُورَةٍ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُصْغِيَ إلَيْنَا بِكَرَمِكَ، وَتَخْلِطَنَا بِعَدَدِكَ، وَتَجْعَلَ لَنَا مِنْ لَحَظَاتِ بِرِّكَ، بِحَيْثُ يَشْمَلُنَا فَضْلُكَ، وَيَسَعُنَا طَوْلُكَ، فَعَلْتَ إنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>