للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَخَرَجَ يَوْمًا وَقَرَأَ وَجَهَرَ بِصَوْتِهِ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ لَهُ فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَتَنْت النَّاسَ قَالَ: فَدَخَلَ. وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ الْقَوْمِ يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَأُ قَارِئٌ وَيَدْعُونَ حَتَّى يُصْبِحُوا؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ.

وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كُنْت أُصَلِّي فَرَأَيْت إلَى جَنْبِي رَجُلًا عَلَيْهِ كِسَاءٌ، وَمَعَهُ نَفْسَانِ يَدْعُوَانِ فَدَنَوْت فَدَعَوْت مَعَهُمْ، فَلَمَّا قُمْت رَأَيْت جَمَاعَةً يَدْعُونَ فَأَرَدْت أَنْ أَعْدِلَ إلَيْهِمْ وَلَوْلَا مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ لَقَعَدْت مَعَهُمْ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَيُصَلُّوا وَيَذْكُرُوا مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَتْ الْأَنْصَارُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا إسْمَاعِيلُ ثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئْت أَنَّ الْأَنْصَارَ قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ قَالُوا: لَوْ نَظَرْنَا يَوْمًا فَاجْتَمَعْنَا فِيهِ، فَذَكَرْنَا هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا، وَذُكِرَ الْحَدِيثُ وَفِيهِ أَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَذُبِحَتْ لَهُمْ شَاةٌ وَكَفَتْهُمْ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَقَيَّدَ أَحْمَدُ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الدُّعَاءِ إذَا لَمْ يُتَّخَذْ عَادَةً، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمَّا اتَّخَذَ أَصْحَابُهُ مَكَانًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ لِلذِّكْرِ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ فَقَالَ: يَا قَوْمُ لَأَنْتُمْ أَهْدَى مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَوْ لَأَنْتُمْ عَلَى شُعْبَةِ ضَلَالَةٍ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاجْتِمَاعُ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وَقَالَ مَالِكٌ: يُكْرَهُ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ يَسْقُطُ إلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَكَادَ يَذْهَبُ عَقْلُهُ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَبْكِي وَيُنْكِرُ سُقُوطَ يَحْيَى، قَالَ يَحْيَى قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَوْ قَدَرَ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا أَحَدٌ لَدَفَعَهُ يَحْيَى، وَيَأْتِي فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ فُصُولِ الطَّلَبِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا رَأَيْت أَبِي يَبْكِي قَطُّ إلَّا فِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>