للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ إبْرَاهِيمُ صَيْرَفِيَّ الْحَدِيثِ فَكُنْت إذَا سَمِعْت الْحَدِيثَ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَتَيْته فَعَرَضْته عَلَيْهِ.

وَقَالَ قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ: رَأَيْت زَائِدَةَ يَعْرِضُ كُتُبَهُ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى رَجُلٍ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ: مَا لَكَ لَا تَعْرِضُ كُتُبَك عَلَى الْجَهَابِذَةِ كَمَا نَعْرِضُ؟

وَقَالَ زَائِدَةُ: كُنَّا نَأْتِي الْأَعْمَشَ فَيُحَدِّثُنَا بِكَثِيرٍ، ثُمَّ نَأْتِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فَنَذْكُرُ لَهُ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ فَيَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ فَنَقُولُ: صَدَقَ سُفْيَانُ لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ فَنَقُولُ هُوَ حَدَّثَنَاهُ السَّاعَةَ فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَقُولُوا لَهُ إنْ شِئْتُمْ فَنَأْتِي الْأَعْمَشَ فَنُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ: صَدَقَ سُفْيَانُ لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِنَا.

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَوْلَا الْجَهَابِذَةُ كَثُرَتْ السَّتُّوقُ وَالزُّيُوفُ فِي رُوَاةِ الشَّرِيعَةِ أَمَا تَحْفَظُ قَوْلَ شُرَيْحٍ: إنَّ لِلْأَثَرِ جَهَابِذَةً كَجَهَابِذَةِ الْوَرِقِ.

وَقَالَ الرَّبِيعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَسْتَدِلُّ عَلَى أَكْثَرِ الْحَدِيثِ وَكَذِبِهِ إلَّا بِصِدْقِ الْمُخْبِرِ وَكَذِبِهِ، إلَّا فِي الْخَاصِّ الْقَلِيلِ مِنْ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنْ تَسْتَدِلَّ عَلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِيهِ بِأَنْ يُحَدِّثَ الْمُحَدِّثُ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ، أَوْ يُخَالِفُهُ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ وَأَكْثَرُ دَلَالَاتٍ بِالصِّدْقِ مِنْهُ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ يَعْنِي مَا يَأْتِي فِي الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي آدَابِ الدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ رُوَاتُهُ ثِقَاتٍ. فَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْمُرُ بِتَصْدِيقِ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَقَدْ تَفَرَّدَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلَكِنْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَأَرْسَلَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَشْبَهُ، وَالْخَطَأُ فِي مَرَاسِيلِ الْمَقْبُرِيِّ مُتَوَهَّمٌ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَحَادِيثَ أُخَرَ مُعَلَّلَةً، إلَى أَنْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَبَقَ قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ حَدِيثُ «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>