للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُرِئَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكُفْرُ، إلَّا أَنْ يُسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ أَجَابَ، وَأُرِيَ يَوْمًا بَعْضَ الصِّبْيَانِ يَتْبَعُونَ الْأَغْلَاطَ وَيُبَادِرُونَ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُقْرِئِ وَلَا يُحْسِنُونَ الْأَدَبَ.

وَمُرَادُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ لَا يُبَادِرُ بِالرَّدِّ، وَلَعَلَّهُ يَكْتَفِي بِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا قَالَ وَلَوْ قُرِئَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكُفْرُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَحِلُّ عَدَمُ بَيَانِهِ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: سَمِعْت الْفَقِيهَ أَبَا مُحَمَّدٍ هَيَّاجَ بْنَ عُبَيْدٍ إمَامَ الْحَرَمِ وَمُفْتِيَهُ يَقُولُ: يَوْمٌ لَا أَرَى فِيهِ سَعْدَ بْنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ لَا أَعْتَدُّ أَنِّي عَمِلْت خَيْرًا.

قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ وَكَانَ هَيَّاجٌ يَعْتَمِرُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ عُمَرَ، وَيُوَاصِلُ الصَّوْمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيَدْرُسُ عِدَّةَ دُرُوسٍ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ نَظْرَةً إلَى الشَّيْخِ سَعْدٍ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَجَلُّ مِنْ سَائِرِ عَمَلِهِ، قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْكَرْخِيَّ يَقُولُ: لَمَّا عَزَمَ الشَّيْخُ سَعْدٌ عَلَى الْإِقَامَةِ بِالْحَرَمِ وَالْمُجَاوَرَةِ بِهِ، عَزَمَ عَلَى نَفْسِهِ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ عَزِيمَةً أَنَّهُ يُلْزِمُ نَفْسَهُ مِنْ الْمُجَاهَدَاتِ وَالْعِبَادَاتِ، وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يُخَلِّ مِنْهَا عَزِيمَةً وَاحِدَةً - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>