للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي عِرْقِ النَّسَاءِ وَمَا وَرَدَ فِي دَوَائِهِ]

عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «دَوَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ ثُمَّ تُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَحْمَدَ «أَلْيَةُ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا الصَّغِيرِ» .

(عِرْقُ النَّسَا) وَجَعٌ يَبْتَدِئُ مِنْ مَفْصِلِ الْوَرِكِ وَيَنْزِلُ مِنْ خَلْفٍ عَلَى الْفَخِذِ وَرُبَّمَا امْتَدَّ عَلَى الْكَعْبِ وَكُلَّمَا طَالَتْ مُدَّتُهُ زَادَ نُزُولُهُ وَتَهْزِلُ مَعَهُ الرِّجْلُ وَالْفَخِذُ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ تَسْمِيَةُ هَذَا الْمَرَضِ بِعِرْقِ النَّسَاءِ أَعَمُّ مِنْ النَّسَاءِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَكُلِّ الدِّرْهَمِ أَوْ بَعْضِهَا، وَإِنَّ النَّسَا هُوَ الْمَرَضُ الْحَالُّ بِالْعِرْقِ فَهُوَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى مَحَلِّهِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ وَقَالَ: النَّسَا هُوَ الْعِرْقُ نَفْسُهُ فَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَلَمَهُ يُنْسِي مَا سِوَاهُ.

وَهَذَا الْخَبَرُ خِطَابٌ لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَمَا قَارَبَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَرَضَ يَحْدُثُ مِنْ يُبْسٍ أَوْ مَادَّةٍ غَلِيظَةٍ أَوْ لَزِجَةٍ فَعِلَاجُهَا بِالْإِسْهَالِ وَالْأَلْيَةُ فِيهَا الْخَاصَّتَانِ الْإِنْضَاجُ وَالْإِخْرَاجُ وَتَعْيِينُ الشَّاةِ بِالْأَعْرَابِيَّةِ لِقِلَّةِ فُضُولِهَا وَرَعْيِهَا نَبَاتَ الْبَرِّ الْحَارِّ كَالشِّيحِ، وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرَدَةِ، وَغَالِبُ أَطِبَّاءِ الْهِنْدِ وَالرُّومِ وَالْيُونَانِ يَعْتَنُونَ بِالْمُرَكَّبَةِ وَالتَّحْقِيقُ اخْتِلَافُ الدَّوَاءِ بِاخْتِلَافِ الْغِذَاءِ فَالْعَرَبُ وَالْبَوَادِي غِذَاؤُهُمْ بَسِيطٌ فَمَرَضُهُمْ بَسِيطٌ، فَدَوَاؤُهُمْ بَسِيطٌ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>