للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَّخِذُ [الْمُحْتَسِبُ] لَهُ سَوْطًا، وَدِرَّةً (١) [، وَطُرْطُورًا] (٢)، وَغِلْمَانًا، وَأَعْوَانًا فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْعَبُ لِقُلُوبِ الْعَامَّةِ، وَأَشَدُّ خَوْفًا، وَيُلَازِمُ الْأَسْوَاقَ، وَالدُّرُوبَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، وَيَتَّخِذُ لَهُ فِيهَا عُيُونًا، يُوَصِّلُونَ إلَيْهِ الْأَخْبَارَ، وَأَحْوَالَ السُّوقَةِ.

فَصْلٌ

وَمِنْ الشُّرُوطِ اللَّوَازِمِ لَلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، مُتَوَرِّعًا عَنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْمُتَعَيِّشِينَ، وَأَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ رِشْوَةٌ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أ): «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ»؛ وَلِأَنَّ التَّعَفُّفَ عَنْ ذَلِكَ أَصَوْنُ لِعَرْضِهِ، وَأَقْوَمُ لِهَيْبَتِهِ، وَيُلْزِمُ [الْمُحْتَسِبُ] غِلْمَانَهُ، وَأَعْوَانَهُ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ (٣) مَا تَتَطَرَّقُ التُّهْمَةُ إلَى الْمُحْتَسِبِ مِنْ غِلْمَانِهِ، وَأَعْوَانِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَخَذَ رِشْوَةً أَوْ قَبِلَ هَدِيَّةً صَرَفَهُ عَنْهُ، لِتَنْتَفِيَ عَنْهُ الظُّنُونُ، وَتَنْجَلِيَ عَنْهُ الشُّبُهَاتُ.


(١) في س "او دره"، وما هنا من سائر النسخ الأخرى. والدرة أداة للضرب، كانت تتخذ في عصر المؤلف من جلد البقر أو الجمل، وتحشي بنوى التمر. (انظر الفهرس).
(٢) الإضافة من ع. والطرطور غطاء للرأس، وهو طويل دقيق من أعلى، وكان يصنع في عصر المؤلف من اللبد، وينقش بالخرق الملونة، ويكلل بالخرز والودع والأجراس وأذناب الثعالب والسنانير؛ ويضعه المحتسب على رأس المذنب لتشهيره وتجريسه. (انظر الفهرس).
(٣) في س "كان أكثر"، وما هنا من سائر النسخ الأخرى، وهو أصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>