للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَبِيعُ دُهْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ دُهْنُ لَوْزٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ دُهْنَ الْبَلَسَانِ (١) بِدُهْنِ السَّوْسَنِ (٢)، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُقَطَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى خِرْقَةِ صُوفٍ ثُمَّ يُغْسَلَ، فَإِنْ زَالَ عَنْهَا، وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا فَهُوَ خَالِصٌ، وَإِنْ أَثَّرَ فِيهَا كَانَ مَغْشُوشًا وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخَالِصَ مِنْهُ إذَا قُطِّرَ فِي الْمَاءِ يَنْحَلُّ، وَيَصِيرُ فِي قَوَامِ اللَّبَنِ، وَالْمَغْشُوشُ يَطْفُو مِثْلَ الزَّيْتِ، وَيَبْقَى كَواكِبًا (٣) فَوْقَ الْمَاءِ، وَقَدْ أَعْرَضْت عَنْ أَشْيَاءٍ كَثِيرَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ أَذْكُرْهَا لِخَفِيِّ غِشِّهَا، وَلِامْتِزَاجِهَا (٤) بِالْعَقَاقِيرِ، مَخَافَةَ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا مِمَّنْ لَا دِينَ لَهُ، فَيُدَلِّسُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا ذَكَرْت فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي غَيْرِهِ مَا قَدْ اُشْتُهِرَ غِشُّهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَتَعَاطَاهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَأَمْسَكْت عَنْ أَشْيَاءٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ (٥)، قَدْ ذَكَرَ أَكْثَرَهَا صَاحِبُ كِتَابِ كِيمْيَاءِ الْعِطْرِ (٦)؛ فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ وَقَعَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْكِتَابُ، فَمَزَّقَهُ، وَحَرَقَهُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.


(١) البلسان شجرة كانت تنبت بعين شمس بضواحي القاهرة، وتشرط الشجرة في وقت معين من السنة، ويجمع ما يرشح منها، فلا يتجاوز بضعة أرطال من الدهن الطيب الرائحة. وكان البلسان مستعملا في الطقوس الدينية المسيحية، واشتهرت مصر بوجوده بها في العصور الوسطى. (ابن سينا: القانون، جـ ١، ص ٢٦٥ - ٢٦٦؛ ٥٨٠ - ٥٧٥. Heyd: op. Cit. Il. pp.) .
(٢) السوسن نبات طيب الرائحة، له ساق عليها أزهار مختلفة الألوان. (ابن سينا: القانون، جـ ١، ص ٣٨٢).
(٣) الكواكب جمع کوکب، وفي اللغة كوكبُ الشيء معظمه (لسان العرب)، ولعل المقصود هنا أن ذلك الدهن إذا كان مغشوشا طفا معظمه على وجه الماء، في أشكال مستديرة مثل الكواكب.
(٤) في س والنسخ الأخرى "وامتزاجها".
(٥) في س "مشتهرة" وما هنا من ص، ل.
(٦) ربما كان الكندى هو المقصود هنا، فمن بين كتبه التي ذكرها ابن النديم (الفهرست، ص ٢٦١) کتاب في كيمياء العطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>