للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقِرْطَاسِ (١) الْمُحَرَّقِ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا الطِّيبَ الْمَعْرُوفَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ جَسَدَهَا مِنْ شَمْعِ الشادوران وَعِيدَانِهِ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا الطِّيبَ الْمَعْرُوفَ. وَجَمِيعُ هَذِهِ الْغَوَالِي الْمَغْشُوشَةِ لَا تَخْفَى عَلَى الْمُحْتَسِبِ وَالْعَرِيفِ، مِنْ اللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ وَالْقَوَامِ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعِيَهَا [كُلٌّ مِنْهُمَا] بِعَيْنِهِ، فَأَكْثَرُ مَنْ يَبِيعُهَا الدَّوَّارُونَ (٢) وَاَلَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، مِمَّنْ لَا دِينَ لَهُ. وَأَمَّا الزّباد (٣) فَغُشُوشُهُ كَثِيرَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَسَدِهِ وَجَسَدِ الْغَالِيَةِ فِي الْغِشِّ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي وَزْنِ الْخَمِيرَةِ، فَأَعْرَضْت عَنْ ذَكَرِ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ.

فَصْلٌ :

وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الْعُودَ الْهِنْدِيَّ، فَيَأْخُذُ الصَّنْدَلَ (٤) يُبَرِّدُهُ نَظِيرَ الْعُودِ، وَيَنْقَعُهُ فِي مَطْبُوخِ الْكَرْمِ الْعَتِيقِ، ثُمَّ يُدْرِجُهُ (٥) وَيَخْلِطُهُ بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي النَّارِ، فَتَظْهَرُ رَائِحَةُ الصَّنْدَلِ. وَمِنْهُمْ مِنْ يَعْمَلُهُ مِنْ قُشُورِ خَشَبٍ يُقَالُ لَهُ الإبليق (٦)، فَيَنْقَعُهُ فِي مَاءِ الْوَرْدِ الْمُدَبَّرِ بِالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ أَيَّامًا، ثُمَّ يُخْرِجُهُ وَيَغْلِيه وَيُدْرِجُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ خَشَبِ الزَّيْتُونِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي النَّارِ، فَلَا يَخْفَى غِشُّهُ.

فَصْلٌ :

وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ دُهْنَ الْبَانِ، فَيَعْمَلُهُ مِنْ دُهْنِ حَبِّ (٧) الْقُطْنِ، أَوْ دُهْنِ نَوَى الْمِشْمِشِ، وَيُعَتِّقُهُ (٨) بِشَيْءٍ مِنْ الْمِسْكِ الصغدي وَالْأَفَاوِيهِ (٩). وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ أَيْضًا مِنْ زَيْتِ


(١) القرطاس المحرق هو الكاغد الأبيض المصنوع من نبات البردى، وكان البردي ينمو بمصر. (ابن البيطار: المقررات، جـ ١، ص ٨٦).
(٢) الدَّوَّارون هم الباعة المتجوّلة. (Dozy: Supp. Dict. Ar) .
(٣) الزّباد نوع من الطيب، كان يستعمل لمداواة الزكام. (القاموس المحيط).
(٤) الصندل خشب شجر له رائحة طيبة، وكان يدخل في تركيب الأدوية. (الدمشقي: الإشارة إلى محاسن التجارة ص ٢٠). انظر أيضًا (٥٨٧ - ٥٨٥ Heyd: op. Cit. ll. pp.) .
(٥) معني يدرجه هنا، يطويه ويلفّه. (أقرب الموارد).
(٦) الإبليق - والأبيليق أيضًا - خشب ذو لونين، أبيض وأسود. (Ar Dozy: Supp. Dict.) .
(٧) في س "حبّ خشب القطن"، وما هنا من ل، هـ.
(٨) معني يعتّقه هنا، يصلحه. (اقرب الموارد).
(٩) الأفاويه جمع الجمع لأفواه، والمفرد فوه، وهو الطيب عامة. (القاموس المحيط).

<<  <  ج: ص:  >  >>