للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ

فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْبَيَاطِرَةِ

الْبَيْطَرَةُ عِلْمٌ جَلِيلٌ سَطَّرَتْهُ الْفَلَاسِفَةُ فِي كُتُبِهِمْ، وَوَضَعُوا فِيهَا تَصَانِيفَ [كَثِيرَةً] (١). وَهِيَ أَصْعَبُ عِلَاجًا مِنْ أَمْرَاضِ الْآدَمِيِّينَ؛ لِأَنَّ الدَّوَابَّ لَيْسَ لَهَا نُطْقٌ تُعَبِّرُ بِهِ عَمَّا تَجِدُ مِنْ الْمَرَضِ وَالْأَلَمِ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى عِلَلِهَا بِالْجَسِّ وَالنَّظَرِ، فَيَفْتَقِرُ الْبَيْطَارُ إلَى حِذْقٍ (٢) وَبَصِيرَةٍ بِعِلَلِ الدَّوَابِّ وَعِلَاجِهَا؛ فَلَا يَتَعَاطَى الْبَيْطَرَةَ إلَّا مَنْ لَهُ دِينٌ يَصُدُّهُ عَنْ التَّهَجُّمِ عَلَى الدَّوَابِّ بِفَصْدٍ، أَوْ قَطْعٍ، أَوْ كَيٍّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَخْبَرَةٍ، فَيُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ الدَّابَّةِ، أَوْ عَطَبِهَا.

فَصْلٌ :

وَيَنْبَغِي لِلْبَيْطَارِ أَنْ يَنْظُرَ [إلَى] (٣) رُسْغِ الدَّابَّةِ، وَيَعْتَبِرَ حَافِرَهَا قَبْلَ تَقْلِيمِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحْنَفَ (٤)، أَوْ مَائِلًا، نَسَفَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ قَدْرًا يَحْصُلُ بِهِ الِاعْتِدَالُ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الدَّابَّةِ. قَائِمَةً جَعَلَ الْمَسَامِيرَ الْمُؤَخَّرَةَ صِغَارًا وَالْمُقَدَّمَةَ كِبَارًا، وَإِنْ كَانَتْ يَدُهَا بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ صَغَّرَ الْمُقَدَّمَةَ وَكَبَّرَ الْمُؤَخَّرَةَ. وَلَا يُبَالِغُ [الْبَيْطَارُ] فِي نَسْفِ الْحَافِرِ فَتَغْمِسُ الدَّابَّةُ، وَلَا يُرْخِي الْمَسَامِيرَ فَيَتَحَرَّكُ النَّعْلُ وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ الْحَصَى وَالرَّمْلُ، فَتَرْهَصُ (٥) [الدَّابَّةُ] (٦)؛ وَلَا [يَنْبَغِي لَهُ أَنْ] يَشُدَّهَا قَوِيًّا (٧) عَلَى الْحَافِرِ فَتُزْمَنُ [الدَّابَّةُ] (٨).

وَاعْلَمْ أَنَّ النِّعَالَ الْمُطَرَّقَةَ أَلْزَمُ لِلْحَافِرِ، وَاللَّيِّنَةَ أَثْبُتُ لِلْمَسَامِيرِ الصُّلْبَةِ، وَالْمَسَامِيرَ الدَّقِيقَةَ خَيْرٌ مِنْ الْغَلِيظَةِ. وَإِذَا احْتَاجَتْ الدَّابَّةُ إلَى فَتْحِ


(١) الإضافة من ل.
(٢) في س "حس" وما هنا من ل، هـ.
(٣) الإضافة من هـ.
(٤) الحنف أن يكون حافر الدابة مائلا إلى الداخل. (القلقشندي: صبح الأعشى، جـ ٢، ص ٢٨).
(٥) الرَّهصة وجع يصيب حافر الدابة بسبب حجر يدخل بين النعل والحافر، فلا تطيق الدابّة وضع الحافر كله على الأرض. (کتاب في البيطرة، لم يعرف اسم مؤلفه، وهو موجود بدار الكتب المصرية برقم ٢٠٠ طب، وصفحاته ليست مرقومة).
(٦) الإضافة من ص، م.
(٧) في س "قوة"، وما هنا من ع، ل، هـ.
(٨) الإضافة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>