للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتلحقهم خصائص البشرية: من المرض، والموت، والحاجة إلى الطعام، والشراب، وغير ذلك، قال الله تعالى عن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في وصفه لربه تعالى: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) [سورة الشعراء: ٧٩، ٨١] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت؛ فذكِّروني) (١) .

وقد وصفهم الله تعالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثَّناء عليهم؛ فقال تعالى في نوح صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) [سورة الإسراء: ٣] وقال في محمد صلى الله عليه وسلم: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [سورة الفرقان: ١] .

وقال في إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب - صلَّى الله عليهم وسلَّم -: (وَاذكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ) [سورة ص: ٤٥، ٤٧] .

وقال في عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم: (إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ) [سورة الزخرف: ٥٩] .

والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم؛ فقد كفر بالجميع، كما قال الله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) [سورة الشعراء: ١٠٥] ، فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل، مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذَّبوه، وعلى هذا فالنصارى الذين كذَّبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه؛ هم مكذِّبون للمسيح ابن مريم، غير متبعين له أيضًا، لا سيَّما أنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم، ينقذُهم الله به من الضَّلالة، ويهديهم إلى صراط مستقيم.

الثاني مما يتضمنه الإيمان بالرسل: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح - عليهم الصلاة والسلام - وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل، وقد ذكرهم الله -تعالى - في موضعين من القرآن في قوله: (وَإِذ أَخَذْنَا مِنَ النَّبيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) [سورة الأحزاب: ٧] ، وقوله:

(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا


(١) رواه البخاري، كتاب أبواب القبلة، باب التوجه إلى القبلة حيث كان، رقم (٣٩٢) .

<<  <   >  >>