للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاجْتِهَادِيَّةِ لَا يُنْقَضُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ حَاكِمٍ أَمْضَاهُ إنْ لَمْ يُخَالِفْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ.

وَقَدْ بَيَّنَّا شُرُوطَ الْقَضَاءِ وَمَعْنَى الْإِمْضَاءِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَكَتَبْنَا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي.

[يُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ مَسْأَلَتَيْنِ]

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، أَعْنِي الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ مَسْأَلَتَيْنِ: ١١ - أَحَدُهُمَا نَقْضُ الْقِسْمَةِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّهَا وَقَعَتْ بِالِاجْتِهَادِ فَكَيْفَ يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ؟ ١٢ - وَالْجَوَابُ أَنَّ نَقْضَهَا لِفَوَاتِ شَرْطِهَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ الْمُعَادَلَةُ فَظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً مِنْ الِابْتِدَاءِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَهَرَ خَطَأُ الْقَاضِي بِفَوْتِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ، وَالثَّانِيَةُ: إذَا رَأَى الْإِمَامُ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ ١٣ - فَلِلثَّانِي تَغْيِيرُهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

فَقَالَ: تِلْكَ كَمَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ كَمَا نَقْضِي (انْتَهَى) .

وَقَدْ جَرَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الْعُمْرِيَّةُ مَجْرَى الْمَثَلِ.

[حُكْمُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ لَا يُنْقَضُ]

(١١) قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا. نَقْضُ الْقِسْمَةِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا غَبْنٌ إلَخْ.

قِيلَ: مَحَلُّ سَمَاعِ دَعْوَى الْغَبْنِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ، ثُمَّ إذَا ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بَطَلَتْ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُفِيدٌ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي يَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

ذَلِكَ وَالْفَاحِشُ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمِينَ.

(١٢) قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ نَقْضَهَا إلَخْ.

حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُسْتَوْفِي شُرُوطَهُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ.

(١٣) قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِي تَغْيِيرُهُ إلَخْ: قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاء: رُبَّمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>