للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ الطَّلَاقِ ١ - السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

قَوْلُهُ: السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي إلَخْ.

فِي الْمُجْتَبَى: وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ السَّكْرَانِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُنْقَلُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ، وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا مِرْيَةَ فِي أَنَّ طَلَاقَهُ وَبَيْعَهُ وَعَتَاقَهُ وَحَلِفَهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ وَالْخِطَابُ فَهُوَ كَالصَّاحِي، فَيَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ.

وَقُلْت: هَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ (انْتَهَى)

قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِينِ الْمُفْتِي: أَقُولُ: هُوَ كَمَا ذُكِرَ لَوْ كَانَ كَلِمَاتُ عَامَّةِ الشُّرَّاحِ وَالتَّصَانِيفِ الْمُعْتَبَرَةِ لَا تُخَالِفُهُ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ: لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ، هُوَ مَعْصِيَةٌ، فَيُجْعَلُ بَاقِيًا زَاجِرًا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ بِالْمُبَاحِ (انْتَهَى) .

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: بَعْدَ كَلَامٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ، أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّصَرُّفَاتُ هُوَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ يُمَيِّزُ بِهِ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَا السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، وَبِهِ يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيهِ بِمَعْنَى عَكْسِ الِاسْتِحْسَانِ وَالِاسْتِقْبَاحِ، مَعَ تَمَيُّزِهِ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْعَجَبُ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ.

وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَا يَتَّجِهُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا نُقْصَانًا فَاحِشًا جَازَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سُكْرُهُ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْعَسَلِ، وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ، أَنَّهُ لَيْسَ كَالصَّاحِي لِعَدَمِ الْحَدِّ فَلَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَمَا لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ

كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: السَّكْرَانُ مِنْ الْخَمْرِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ نَحْوِ النَّبِيذِ الْمُثَلَّثِ وَغَيْرِهِمَا، عِنْدَنَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَالْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ.

وَعَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>