للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ الْأَيْمَانِ ١ - الْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

قَوْلُهُ: الْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ.

يَعْنِي إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمَ غُلَامِي هَذَا أَحَدًا، وَقَالَ: إنْ أَلْبَسْت هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا، أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ دَارَك هَذِهِ أَحَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْتَ، لَا يَدْخُلُ الْحَالِفُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ دُخُولَ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَ الْحَالِفُ غُلَامَ نَفْسِهِ أَوْ لَبِسَ ذَلِكَ الْقَمِيصَ أَوْ دَخَلَ دَارَ نَفْسِهَا تِلْكَ لَمْ تَطْلُقْ.

وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَفِي دُخُولِهَا تَحْتَهَا يَلْزَمُ الِاجْتِمَاعُ، إذْ الْمُرَادُ بِالْيَاءِ الْمُتَكَلِّمُ، وَبِتَائِهِ فِي قَوْلِهِ: أَلْبَسْت، وَبِكَافِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: دَارَك، وَبِالْمُضْمَرِ الْمُسْتَكِنِ فِي قَوْلِهِ أَعْتِقْ الْمُعَرَّفَةُ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَحَدٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ: زَوِّجْ ابْنَتِي مِنْ رَجُلٍ لَا يَدْخُلُ الْمَأْمُورُ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فَلِأَنَّ " أَيًّا " وَإِنْ كَانَتْ مَعْرِفَةً عِنْدَ النُّحَاةِ لِلْإِضَافَةِ إلَّا أَنَّهَا بِمَنْزِلِهِ النَّكِرَةِ؛ لِأَنَّهَا تَصْحَبُهَا لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، أَمَّا لَفْظًا فَفِي قَوْلِك: أَيُّ رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا، وَأَمَّا مَعْنًى فَفِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: ٣٨] يَعْنِي - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَيُّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمْ.

كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَالِفُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ الْحَالِفُ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ رَأْسَهُ مُتَّصِلٌ بِهِ خِلْقَةً فَكَانَ أَقْوَى مِنْ إضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ.

وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ: زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ صَحَّ (انْتَهَى) .

وَفِي أَوْقَافِ هِلَالٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لَكِنْ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبَزْدَوِيُّ حِين سُئِلَ عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ: الْأَصْلُ مَا قَالُوا فِي الْكُتُبِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْرِفَةٌ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَإِنَّمَا وَكَّلَتْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ مُنْكَرٍ وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَمَّا عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ بِالنِّيَّةِ فَتَدْخُلُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>