للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا، ١٤٦ - إلَّا إذَا ادَّعَى إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ حَضَانَةً

١٤٧ - فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ، أَوْ جَدُّهُ، أَوْ ابْنُهُ، أَوْ ابْنُ ابْنِهِ، لَا تُقْبَلُ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

[مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا]

قَوْلُهُ: مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا.

أَصْلُ هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ، وَإِنَّ كَوْنَ الْمُدَّعِي خَصْمًا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ وَيَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِيهِ، كَإِقْرَارِ الرَّجُلِ وَبِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى وَكَذَا الْمَرْأَةِ إلَّا فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَالْإِقْرَارِ بِالْعَمِّ وَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَابْنِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ بِعَيْنِهِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ وَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ يَخُصُّهُ، وَأَنَّهُ حَقُّ الْمُدَّعِي فَيُنْتَصَبُ خَصْمًا، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْخَصْمِ مَقْبُولَةٌ، وَإِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَلَا يُنْتَصَبُ خَصْمًا.

(١٤٦) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ادَّعَى إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ حَضَانَةً. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ إلَخْ. يَعْنِي فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَا يُعْمَلُ الْإِقْرَارُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ. وَصُورَةُ الْأُرَثِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَنْتَ أَخِي وَمَاتَ أَبُوك وَتَرْكَ مَالًا فِي يَدِك، وَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنِي وَبَيْنَك، تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ إقْرَارُهُ.

وَصُورَةُ النَّفَقَةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَيَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْأُخُوَّةِ.

وَصُورَةُ الْحَضَانَةِ: رَجُلٌ الْتَقَطَ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخُوهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا وَيُحْكَمُ بِالْأُخُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا ادَّعَتْ حَقًّا عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ الِانْتِزَاعُ مِنْ يَدِهِ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ لِكَوْنِهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْهُ، وَلَا يُتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ الْحَقِّ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْأُبُوَّةِ فَانْتَصَبَ الْمُلْتَقِطُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ

(١٤٧) قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إلَخْ. وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى غَائِبٍ لَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ لَا قَصْدًا وَلَا حُكْمًا، أَمَّا قَصْدًا؛ فَلِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَلَا وَصِيٍّ، وَأَمَّا حُكْمًا؛ فَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَصِيرَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الْغَائِبِ تَابِعًا لِذَلِكَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَصِيرُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ إلَيْهِ، وَهُوَ دَعْوَى الْمَالِ وَالْحُقُوقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَالِ أَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ خَصْمًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ إلَيْهِ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>