للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

لَا يَسْتَطِيعُ مُتَابَعَةَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ بِسُرْعَةٍ لِأَنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ النَّاسِي بِالْبِنَاءِ مُطْلَقًا فَافْهَمْ، وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ بِجَفَافِ الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْعُضْوِ الْأَخِيرِ مَعَ اعْتِدَالِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالشَّخْصِ، وَعَلَى السُّنِّيَّةِ إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا بَنَى وَلَوْ طَالَ بِالْأُولَى مَعَ الْوُجُوبِ وَإِنْ فَرَّقَ عَامِدًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا حَصَلَ طُولٌ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا.

١ -

وَبَقِيَ عَلَيْهِ النِّيَّةُ أَيْضًا وَهِيَ الْفَرِيضَةُ السَّابِعَةُ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْوُضُوءِ احْتِسَابًا، لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ الصَّحِيحَةِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا رُوحُ الْعَمَلِ وَحَقِيقَتُهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، فَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الشُّرُوعِ فِيهِ لَمْ تَجُزْ مُطْلَقًا، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَبَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا فِي التَّقَدُّمِ بِكَثِيرٍ وَفِي التَّقَدُّمِ بِيَسِيرٍ خِلَافٌ وَلَهَا ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ: إحْدَاهَا نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْأَعْضَاءِ عِنْدَ أَوَّلِ مَفْعُولٍ، ثَانِيَتُهَا أَنْ يَنْوِيَ أَدَاءَ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَيْ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ، ثَالِثَتُهَا أَيْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ صَحَّ، وَمَحَلُّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهَا بَلْ الْأَفْضَلُ تَرْكُ التَّلَفُّظِ إلَّا أَنْ يُرَاعَى الْخِلَافُ، وَشَرْطُهَا عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِمُنَافٍ لِلْمَنْوِيِّ وَكَوْنُ الْمَنْوِيِّ مُكْتَسَبًا لِلنَّاوِي، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ شَخْصٌ فِعْلَ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَنْوِيُّ مَعْلُومَ الْوُجُوبِ أَوْ مَظْنُونَهُ لَا إنْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ لِتَرَدُّدِهَا، فَلِذَا لَا يَصِحُّ وُضُوءُ مَنْ قَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ، فَشُرُوطُهَا ثَلَاثَةٌ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ فِي كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا وَالنَّدْبُ فِيمَا يَصِحُّ بِدُونِهَا وَحِكْمَتُهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ لِلنِّيَّةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَمَحَلًّا وَزَمَنًا وَكَيْفِيَّةً وَشَرْطًا وَمَقْصُودًا حَسَنًا.

قَالَ التَّتَّائِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ:

سَبْعُ سُؤَالَاتٍ أَتَتْ فِي نِيَّةٍ ... تُلْفَى لِمَنْ حَاوَلَهَا بِلَا وَسَنْ

حَقِيقَةٌ حُكْمٌ مَحَلٌّ وَزَمَنْ ... كَيْفِيَّةٌ شَرْطٌ وَمَقْصُودٌ حَسَنْ

وَقَدْ وَضَّحْنَاهَا، وَالْوَسَنُ بِفَتْحَتَيْنِ النُّعَاسُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَمَقْصُودٌ حَسَنٌ إلَى أَنَّ الْمَنْوِيَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعَيِّنًا لِلْفَاعِلِ وَزَمَنُهَا عِنْدَ أَوَّلِ الْفِعْلِ.

الثَّانِيَةُ: سَيَأْتِي فِي بَابِ جَامِعِ التَّعَرُّضِ لِبَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوُضُوءِ كَمَسْأَلَةِ مَنْ تَرَكَ امِنْ فَرَائِضِ وُضُوئِهِ أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً حَتَّى صَلَّى وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ، وَسُنَّةُ فِعْلِهَا لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَصِفَةُ الْإِتْيَانِ بِالْفَرْضِ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ النِّسْيَانِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ مَعَ الْعَجْزِ أَوْ الْعَمْدِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ، وَيَفْعَلُ الْمَتْرُوكُ عُضْوًا أَوْ لُمْعَةً ثَلَاثًا وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَمَا بَعْدَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً مَعَ الْقُرْبِ حَيْثُ غَسَلَهُ أَوَّلًا ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَالْأَكْمَلُ الثَّلَاثُ، وَمَعَ الْبُعْدِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَتْرُوكِ، وَصِفَةُ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ أَنَّهُ يَفْعَلُهَا إنْ لَمْ يُنِبْ عَنْهَا غَيْرَهَا حَيْثُ لَمْ تَقَعْ إعَادَتُهَا فِي مَكْرُوهٍ، كَرَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ لِرِجْلَيْهِ وَلَا لِغَسْلِ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ لِمِرْفَقَيْهِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ نَحْوَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ، وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى حَيْثُ كَانَ تَرَكَهَا سَهْوًا لَا فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَمَّا مَعَ الْعَمْدِ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ.

١ -

الثَّالِثَةُ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّصْرِيحِ بِجَمِيعِ الْفَضَائِلِ وَأَشَارَ لَهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَفَضَائِلُهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ وَإِنَاءٌ إنْ فَتَحَ، وَبَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَشَفْعُ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثُهُ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْوُضُوءِ وَالْجُلُوسُ مَعَ التَّمَكُّنُ وَفِي مَحَلٍّ مُرْتَفِعٍ وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ وَالتَّسْمِيَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِهَا.

[مَكْرُوهَات الْوُضُوء] ١

الرَّابِعَةُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَكْرُوهَاتِهِ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ سِتَّةً: الْإِكْثَارُ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ، وَالْوُضُوءُ فِي الْخَلَاءِ، وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ، وَالْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى ثَلَاثٍ وَعَلَى الْوَاحِدَةِ فِي الْمَمْسُوحِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِغَيْرِ الْعَالِمِ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بَيَانِ صِفَةِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى شَرَعَ فِي بَيَانِ الْكُبْرَى فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>