للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ تُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيه اللَّهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمْ وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمْ وَلَا تَحْرِمْنَا وَإِيَّاهُمْ أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ تَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَتَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا وَأَفْرَاطِنَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ

ــ

[الفواكه الدواني]

[بَاب فِي الدُّعَاء لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَغَسَلَهُ]

(بَابٌ فِي) صِفَةِ (الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.

(وَ) فِي حُكْمِ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ) وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا، وَرَدَّ كَلَامَهُ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ قَدْ تَكُونُ لِمَحْضِ رَفْعِ دَرَجَاتٍ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِالْمُذْنِبِينَ وَصِفَتُهَا أَنْ (تُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) بِأَنْ تَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَدْبًا (وَتُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَذَلِكَ (ثُمَّ) بَعْدَهُمَا (تَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك) وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّثْنِيَةِ، وَقِيلَ تَقُولُ فِي وَلَدِ الزِّنَا (وَابْنُ أَمَتِك) بَدَلٌ، وَابْنُ عَبْدِك (أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته) وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِهْلَالِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ رَزَقَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. (وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيه) فِي الْآخِرَةِ (اللَّهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِوَالِدِيهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (سَلَفًا) أَيْ مُقَدَّمًا بَيْنَ أَيْدِيهمْ (وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآخِرَةِ بِخِلَافِهِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنَّهُ فِي الدُّنْيَا وَقِيلَ بِالْإِهْمَالِ مُطْلَقًا. (وَفَرَطًا) ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا لِسَلَفًا لِمُرَادَفَتِهِ لَهُ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» أَيْ مُتَقَدِّمُكُمْ.

(وَأَجْرًا) أَيْ جَزَاءً عَظِيمًا لِمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ: «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنْ النَّارِ، قَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ وَوَرَدَ: لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ إلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» وَهَذَا مَعَ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى، وَفِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ مِنْ الثَّوَابِ مَا لَيْسَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الطَّاعَةِ. (وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمْ وَأَعْظِمْ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَيْ أَكْثِرْ (بِهِ أُجُورَهُمْ وَلَا تَحْرِمْنَا وَإِيَّاهُمْ أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ. (وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمْ بَعْدَهُ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ الدُّعَاءَ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي أَبًا أَوْ أُمًّا لِلطِّفْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ هُوَ الْمَأْثُورُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي أَذَانِهِ: «أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَاجْعَلْهُ لِوَالِدِيهِ سَلَفًا يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُسْلِمِ الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ أَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي فَلَا يَقُولُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ وَيَسْقُطُ وَإِيَّاهُمْ. (اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ) أَوْلَادِ (الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ) أَيْ حَضَانَةِ أَبِينَا (إبْرَاهِيمَ) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ «؛ لِأَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ شَيْخًا فِي السَّمَاءِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ وَحَوْلَهُ صِبْيَانُ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُوك إبْرَاهِيمُ وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُ الْمُؤْمِنِينَ» .

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَالتَّقْيِيدُ بِأَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهُمْ فِي كَفَالَتِهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ الْجَنَّةَ. (وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ) بِأَنْ تَجْعَلَهُ مُجَاوِرًا لِنَحْوِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ (وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ) وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَطْفَالَ تُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ.

(وَ) عَافِهِ (مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ) وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَطْفَالَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، بَلْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُجُودَ الْخِلَافِ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَالْأَوْلَى فِي تَوْجِيهِ الدُّعَاءِ بِالْمُعَافَاةِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَهُ تَعْذِيبُ الطَّائِعِ. (تَقُولُ ذَلِكَ) الدُّعَاءَ (فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى الرَّابِعَةَ.

(وَ) قِيلَ (تَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَدْعُو بَعْدَهَا: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا وَأَفْرَاطِنَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>