للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَزْنَ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ خَمْسَ أَوَاقٍ فِضَّةً فَفِي ذَلِكَ رُبُعُ الْعُشْرِ يَوْمَ خُرُوجِهِ وَكَذَلِكَ فِيمَا يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِهِ وَإِنْ قَلَّ فَإِنْ انْقَطَعَ نَيْلُهُ بِيَدِهِ وَابْتَدَأَ غَيْرَهُ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ

وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ وَتُؤْخَذُ مِنْ الْمَجُوسِ وَمِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ

وَالْجِزْيَةُ عَلَى

ــ

[الفواكه الدواني]

وَلَا رَصَاصٍ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا زَكَاةَ فِي مَعَادِنِ الرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالزَّرْنِيخِ وَاللُّؤْلُؤِ وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ، قَالَ فِي الْجَلَّابِ؛ لِأَنَّهَا عُرُوضٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ قَدْرَ النِّصَابِ مِنْ الْمَعْدِنِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: (إذَا بَلَغَ) : الْخَارِجُ مِنْهُ (وَزْنَ عِشْرِينَ دِينَارًا) : إنْ كَانَ مَعْدِنَ ذَهَبٍ (أَوْ) : بَلَغَ وَزْنَ (خَمْسِ أَوَاقٍ فِضَّةً) : إنْ كَانَ مَعْدِنَ فِضَّةٍ، وَقَوْلُهُ: (فَفِي ذَلِكَ رُبْعُ الْعُشْرِ) : جَوَابُ إذَا الشَّرْطِيَّةِ وَالتَّقْدِيرُ: إذَا خَرَجَ مِنْ مَعْدِنِ الْعَيْنِ النِّصَابُ فَفِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ لَا الْخُمُسُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ لَا يُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الْمَعْدِنِ قَالَ: (يَوْمَ خُرُوجِهِ) : وَقِيلَ: إنَّمَا تَجِبُ بِتَصْفِيَتِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ تَرَدُّدٌ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا رَفَعَ مِنْ الْمَعْدِنِ شَيْئًا وَلَمْ يَضَعْهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ، فَمَنْ قَالَ: الْوُجُوبُ بِالتَّصْفِيَةِ يَقُولُ بِزَكَاتِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمَنْ قَالَ: الْوُجُوبُ بِخُرُوجِهِ كَالْمُصَنِّفِ يَقُولُ يُزَكِّيهِ مَرَّتَيْنِ، وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أَنْفَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ هَلْ يُحْسَبُ أَمْ لَا؟ (وَكَذَلِكَ) : يَجِبُ رُبْعُ الْعُشْرِ (فِيمَا يَخْرُجُ) : مِنْهُ (بَعْدَ ذَلِكَ) : أَيْ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ حَيْثُ خَرَجَ (مُتَّصِلًا بِهِ) : بِأَنْ كَانَ بَعْضَ الْخَارِجِ لِكَوْنِهِ مِنْ عِرْقِهِ (وَإِنْ قَلَّ) : قَالَ خَلِيلٌ: وَضَمُّ بَقِيَّةِ عِرْقِهِ وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ زَكَاةُ الْخَارِجِ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ كَالدَّيْنِ يُزَكَّى الْمَقْبُوضُ مِنْهُ بَعْدَ النِّصَابِ وَإِنْ قَلَّ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ مُتَّصِلٍ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ انْقَطَعَ نِيلُهُ) : أَيْ عِرْقُهُ الَّذِي فِي الْمَعْدِنِ؛ لِأَنَّ النِّيلَ يُسَمَّى عِرْقًا بِأَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ (بِيَدِهِ وَابْتَدَأَ غَيْرُهُ لَمْ) : يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ (يُخْرِجَ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ) : الْخَارِجُ (مَا فِيهِ الزَّكَاةُ) : بِأَنْ بَلَغَ نِصَابًا؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ عِرْقٍ لَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: لَا مَعَادِنَ وَلَا عِرْقَ لِآخَرَ بَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ عِرْقٍ عَلَى حِدَتِهِ وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ فِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ، إحْدَاهَا: أَنْ يَتَّصِلَ الْعَمَلُ وَالنَّيْلُ وَيَخْرُجُ نِصَابٌ فَالزَّكَاةُ حَتَّى فِي الْخَارِجِ بَعْدَ النِّصَابِ وَإِنْ قَلَّ. ثَانِيهَا: أَنْ يَنْقَطِعَ النَّيْلُ وَيَتَّصِلَ الْعَمَلُ فَالْمَذْهَبُ لَا زَكَاةَ فِي الثَّانِي حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا لَا أَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضَمُّ نِيلٌ لِغَيْرِهِ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَنْقَطِعَا مَعًا فَلَا زَكَاةَ فِي الثَّانِي حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا اتِّفَاقًا.

١ -

(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَعْدِنِ النَّدْرَةُ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا الْخُمُسُ لَا الزَّكَاةُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي نَدْرَتِهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ، وَالنَّدْرَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْقِطْعَةُ الْخَالِصَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ، وَيُدْفَعُ ذَلِكَ الْخُمُسُ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَإِلَّا فُرِّقَ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَعْدِنِ يَقْطَعُهَا الْإِمَامُ لِمَنْ شَاءَ.

١ -

الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى الْخَارِجُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوَاجِدِ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِأَنْ يَكُون حُرًّا مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ شَبِيهٌ بِالزَّرْعِ لَا يُزَكِّيهِ نَصْرَانِيٌّ وَلَا عَبْدٌ.

الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمُخْرِجُ لِلْمَعْدِنِ جَمَاعَةٌ اُعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ، كَالشُّرَكَاءِ فِي الزَّرْعِ أَوْ فِي الْمَاشِيَةِ أَوْ فِي الْعَيْنِ لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ نِصَابًا.

١ -

الرَّابِعُ: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ الْمَعَادِنِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْأَرَاضِي، وَالْحُكْمُ فِيهَا جَمِيعِهَا الْإِمَامُ يَقْطَعُهَا لِمَنْ يَشَاءُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ فِيهِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ، إمَّا حَيَاةَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ أَوْ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ، أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا جُعِلَ لِلْإِمَامِ وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَاجِدُهُ لِمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ الْهَرَجِ وَالْفِتَنِ بَيْنَ النَّاسِ، فَالْوَاجِدُ لَهُ لَا يَتَصَرَّفُ حَتَّى يُخْبِرَ بِهِ الْإِمَامَ وَيُمَكِّنُهُ مِنْهُ وَيَحُوزُهُ؛ لِأَنَّ عَطَايَا الْإِمَامِ تَفْتَقِرُ لِلْحَوْزِ كَعَطِيَّةِ غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، إلَّا أَنْ يُوجَدَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ الْمَمْلُوكَةِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَحُكْمُهُ لِلْمُصَالِحِ أَوْ وَارِثِهِ لَا لِلْإِمَامِ.

[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ غَيْرِ الْمَاشِيَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْجِهَادِ لِتَسَبُّبِهَا عَنْهُ، وَيُقَدِّمُ الْكَلَامَ عَلَى زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالْفِطْرَةِ، وَتَنْقَسِمُ إلَى صُلْحِيَّةٍ وَعَنْوِيَّةٍ، فَالصُّلْحِيَّةُ مَا الْتَزَمَ كَافِرٌ مَنْعَ نَفْسِهِ أَدَاءَهُ عَلَى إبْقَائِهِ بَلْدَةً تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ بِحَيْثُ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ، وَالْعَنْوِيَّةُ مَا لَزِمَ الْكَافِرَ مِنْ مَالٍ لِأَمْنِهِ بِاسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُجَازَاةِ، وَالْجَزَاءُ بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْا الْمَالَ فِي مُقَابَلَةِ الْأَمَانِ، وَمُجَازَاةٌ لِكَفِّنَا عَنْهُمْ وَتَمْكِينِهِمْ مِنْ سُكْنَى بِلَادِنَا، وَشُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ، وَقِيلَ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَمُدَّتُهَا مُغَيَّاةٌ بِنُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَبَعْدَ نُزُولِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ وَإِنَّمَا يُطَالِبُهُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْإِيمَانِ وَإِلَّا قَتَلَهُمْ وَحُكْمُ ضَرْبِهَا الْجَوَازُ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهَا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ضَرْبِهَا، وَأَشَارَ إلَى مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: (وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ) : صُلْحِيَّةً أَوْ عَنْوِيَّةً (مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ) : وَالْمُرَادُ بِهِمْ كُلُّ كَافِرٍ يَصِحُّ سَبْيُهُ وَلَوْ قُرَشِيًّا، وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ مُخَالِفَةٌ لِمَشْهُورِ الْمَذْهَبِ. (الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ) : الْعُقَلَاءِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>