للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَلْتَعِنُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ ثُمَّ يُخَمِّسُ بِاللَّعْنَةِ ثُمَّ تَلْتَعِنُ هِيَ أَرْبَعًا أَيْضًا وَتُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ رُجِمَتْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُحْصَنَةً بِوَطْءٍ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ أَوْ زَوْجٍ غَيْرِهِ وَإِلَّا جُلِدَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ جُلِدَ حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ.

وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْ زَوْجِهَا بِصَدَاقِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ إذَا لَمْ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْخِلَافِ التَّوَارُثُ، إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ وَقَبْلَ لِعَانِهَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَتَوَارَثَانِ لَا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِعَانًا شَرْعِيًّا بِحَيْثُ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْكَامُ إلَّا إذَا وَقَعَ بِحُكْمِ قَاضٍ

[صِفَةِ اللِّعَانِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ: (وَ) صِفَتُهُ أَنْ (يَبْدَأَ الزَّوْجُ فَيَلْتَعِنَ) أَيْ يَذْكُرَ (أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ) بِأَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، إنْ كَانَ اللَّعْنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَهَذَا أَنْسَبُ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الزِّنَا كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ الزَّانِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ اللِّعَانُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ: الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَى أَشْهَدُ بِاَللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ وَجَبَتْ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْحُقُوقِ، وَلِذَا قَالَ خَلِيلٌ: وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي، أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، وَقَوْلُ الْمَلَاعِنِ لَرَأَيْتهَا لَعَلَّهُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ الزِّنَا بِحِسٍّ أَوْ جَسٍّ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَقُولُ: تَيَقَّنْتهَا تَزْنِي بَدَلَ رَأَيْتهَا، وَحَرِّرْهُ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَرْبَعِ شَهَادَاتٍ (يُخَمِّسُ بِاللَّعْنَةِ) بِأَنْ يَقُولَ: وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ، أَوْ يَقُولَ: وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَلَيْسَ فِي الْخَامِسَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ بَلْ هِيَ لَفْظُ اللَّعْنَةِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ خَلِيلٍ وَوَصْلُ خَامِسَةٍ وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ ذِكْرَ أَشْهَدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ لِعَانِ الزَّوْجِ (تَلْتَعِنُ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ تَذْكُرَ (أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ أَيْضًا) تَرُدُّ بِهَا شَهَادَاتِ الرَّجُلِ بِأَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي إنْ كَانَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْت، إنْ كَانَ قَالَ فِي شَهَادَاتِهِ لَزَنَتْ، وَإِنْ كَانَ قَالَ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ.

(وَتُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ) بِأَنْ تَقُولَ: وَ {غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩] أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِيهِمَا.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ بُدَاءَةِ الزَّوْجِ وَبَيَّنَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ حُكْمَهُ الْوُجُوبُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ حُكْمَ مَا لَوْ بَدَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْخِلَافِ فِي إعَادَتِهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.

الثَّانِي: لَمْ يُعْلَمْ أَيْضًا حُكْمُ ذِكْرِ أَشْهَدُ وَحُكْمُهُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ النَّاطِقِ، فَلَا يَكْفِي أَحْلِفُ وَلَا أُقْسِمُ، كَمْ يَجِبُ لَفْظُ اللَّعْنِ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ، وَالْغَضَبِ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ أَشْهَدُ وَاللَّعْنُ وَالْغَضَبُ وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ كَالْمَسْجِدِ لِلْمُسْلِمَةِ وَالْكَنِيسَةِ لِلذِّمِّيَّةِ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهَا فِي الْكَنِيسَةِ، وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ الْمَسْجِدَ، وَيَجِبُ كَوْنُهُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ لِتَظْهَرَ الشَّعِيرَةُ، وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ إثْرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَيَّدْنَا وُجُوبَ أَشْهَدُ بِالنَّاطِقِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْأَخْرَسِ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُلَاعِنُ الْأَخْرَسُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ إنْ فُهِمَ، كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَنِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ، وَالزَّوْجَةُ الْخَرْسَاءُ كَذَلِكَ، وَالصَّمَّاءُ يَقْذِفُهَا زَوْجُهَا تُلَاعِنُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْهَا.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الطَّلَاقِ اللِّسَانُ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، فَلَوْ اُعْتُقِلَ لِسَانُ النَّاطِقِ قَبْلَ اللِّعَانِ فَإِنْ كَانَ يُرْجَى زَوَالُ عُذْرِهِ عَنْ قُرْبٍ أُمْهِلَ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ أَوْ يُرْجَى عَنْ بُعْدٍ فَيُلَاعِنُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْ اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ إتْيَانِ الزَّوْجِ بِشَهَادَاتِهِ (رُجِمَتْ) أَيْ ضُرِبَتْ بِالْحِجَارَةِ إلَى أَنْ تَمُوتَ. (إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُحْصَنَةً) بِفَتْحِ الصَّادِ (بِوَطْءٍ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ) الْمَلَاعِنِ (أَوْ) مِنْ (زَوْجٍ غَيْرِهِ) فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ، وَحَصَلَ فِيهِ وَطْءٌ مُبَاحٌ بِانْتِشَارِ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً (جُلِدَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ) حَيْثُ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً مُكَلَّفَةً، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَنِصْفُ الْحَدِّ، وَالذِّمِّيَّةُ يَلْزَمُهَا الْأَدَبُ لِأَذِيَّتِهَا لِزَوْجِهَا وَرُدَّتْ لِحُكَّامِ مِلَّتِهَا بَعْدَ تَأْدِيبِهَا لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقِهَا الْحَدَّ عِنْدَهُمْ بِنُكُولِهَا. (وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ) بَعْدَ رَمْيِهِ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا أَوْ قَوْلِهِ لَهَا: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَامْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ وَالْحَالُ أَنَّ زَوْجَتَهُ عَفِيفَةٌ (جُلِدَ) أَيْ حُدَّ لِقَذْفِهَا (حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ) جَلْدَةً حَيْثُ كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا، وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً عَفِيفَةً. (وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ) لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَالزَّوْجَةُ بَالِغَةً فَإِنْ رَمَاهَا بِالزِّنَا فَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ انْتَفَى عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مُطِيقَةً اُلْتُعِنَ دُونَهَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَيَتَلَاعَنَانِ، فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ، وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ حُدَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>