للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

إذَا حُرِّمَتْ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الرَّضِيعِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ، وَأَخَوَاتُهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا، وَأَوْلَادُهَا مِنْ الْجِهَتَيْنِ إخْوَةٌ، وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ، وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الرَّضِيعِ أَحْفَادُ الْمُرْضِعَةِ، وَلَا تَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أَبِي الرَّضِيعِ وَلَا عَلَى أَخِيهِ، وَكَذَلِكَ زَوْجُ الْمُرْضِعَةِ أَوْ الْمُرْتَضِعِ، وَأَبُوهُ جَدُّهُ، وَأَخُوهُ عَمٌّ، وَوَلَدُهُ أَخٌ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ حَلَالٍ وَلَوْ مِنْ حَرَامٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ مِنْهُ بِصَاحِبِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الرَّضِيعَ يَصِيرُ أَخًا لِأَوْلَادِ فَحْلِ الْمُرْضِعَةِ، وَلَوْ كَانَ رَضَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الْفَحْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا يَكُونُ أَخًا لِبَنَاتِ ذَلِكَ الْفَحْلِ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ وَطِئَ الْمُرْضِعَةَ وَأَنْزَلَ قَبْلَ الْإِرْضَاعِ حَتَّى يَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ لَبَنِ ذَلِكَ الْفَحْلِ، وَأَمَّا لَوْ رَضَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ نِكَاحِهِ إيَّاهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الرَّضَاعِ فَلَا تَكُونُ بَنَاتُهُ أَخَوَاتٍ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهِ حَتَّى يَكُونَ ابْنًا لَهُ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ لِلرَّبِيبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ امْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ رَجُلٍ غَيْرِهِ حَيْثُ شَرَطُوا عَدَمَ رَضَاعِهَا مِنْ لَبَنِ أَبِيهِ بِأَنْ فُطِمَتْ قَبْلَ نِكَاحِ أَبِيهِ لِأُمِّهَا.

الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ أَرْضَعَ كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ: أَرْضَعَتْ بِالتَّاءِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرُ الْمُؤَنَّثِ، وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمِرٍ ... مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حَرْ

وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا إلَى لَفْظِ مَنْ فَاتَهُ يَجُوزُ مُرَاعَاةُ لَفْظِهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ} [الأحزاب: ٣١] إذْ لَوْ رَاعَى الْمَعْنَى لَقَالَ: وَمَنْ تَقْنُتْ لِأَنَّ التَّاءَ مَعَ الْمُضَارِعِ كَالتَّاءِ مَعَ الْمَاضِي فِي اللُّزُومِ، وَقَوْلُهُ: فَبَنَاتُهَا وَبَنَاتُ فَحْلِهَا إخْوَةٌ، كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ: أَخَوَاتٌ لِأَنَّهُ جَمْعُ أُخْتٍ وَإِخْوَةً جَمْعُ أَخٍ الْمَذْكُورِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ رَاعَى لَفْظَ مَا مِنْ قَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ بَنَاتِهَا أَخَوَاتٍ لِلرَّضِيعِ وَعَدَمِ حِلِّهِنَّ لِإِخْوَتِهِ قَالَ: (وَ) يَجُوزُ (لِأَخِيهِ) أَيْ ذَلِكَ الصَّبِيِّ نَسَبًا (نِكَاحُ بَنَاتِهَا) لِأَنَّ الَّذِي يُقَدَّرُ وَلَدًا لِلْمُرْضِعَةِ خُصُوصُ الرَّضِيعِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقُدِّرَ الطِّفْلُ خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ مِنْ وَطْئِهِ، فَكَأَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ بَطْنِهَا وَمِنْ ظَهْرِهِ وَفُرُوعُهُ كَهُوَ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ وَأُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَعَمَّاتُهَا وَخَالَاتُهَا كَمَا تَحْرُمُ عَلَى فُصُولِهِ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَى أُصُولِهِ وَلَا عَلَى إخْوَتِهِ، وَيَسْتَمِرُّ كُلُّ مَنْ رَضَعَ وَلَدًا لِصَاحِبِ اللَّبَنِ لِانْقِطَاعِهِ وَإِنْ بَعْدَ سِنِينَ وَاشْتَرَكَ مَعَ الْقَدِيمِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ أُصُولَ الرَّضِيعِ مَعَ النَّسَبِ، وَكَذَلِكَ إخْوَتُهُ أَجَانِبُ فِي تِلْكَ الْمُرْضِعَةِ فَتَحِلُّ لَهُنَّ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقُدِّرَ الطِّفْلُ خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ مَنْ وَطْئِهِ لِانْقِطَاعِهِ وَإِنْ بَعْدَ سِنِينَ فَمُحْتَرِزٌ خَاصَّةً أُصُولُهُ وَإِخْوَتُهُ، وَأَمَّا فُصُولُهُ فَلَمْ يُحْتَرَزْ بِخَاصَّةٍ عَنْهَا بَلْ هُمْ مِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ كَمَا ذَكَرْنَا.

(تَتِمَّتَانِ) الْأُولَى: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّضَاعُ، وَبَيَّنَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ، سَوَاءٌ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَوْ أُمَّهَاتِهِمَا، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ، لَا بِامْرَأَةٍ وَلَوْ فَشَا وَلَوْ كَانَتْ عِدْلَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّضَاعِ حَصَلَ فِي زَمَنِ إسْلَامِ الْمَرْأَةِ أَوْ كُفْرِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرَضَاعُ الْكُفْرِ مُعْتَبَرٌ، فَلَا يَحِلُّ لِمَنْ رَضَعَ عَلَى كَافِرَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَوْلَادِهَا وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِنَّ.

الثَّانِيَةُ: الرَّضَاعُ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ مُحَرِّمٌ، كَمَا أَنَّ الشَّكَّ فِي وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ مُحَرِّمٌ كَمَا عِنْدَ ابْنِ نَاجِي وَتَبِعَهُ الْخَطَّابُ وَالسَّنْهُورِيُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ قَدْ يَتَسَبَّبُ عَنْ ثُبُوتِ الرَّضَاعِ نَاسَبَ ذِكْرَ بَابِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>