للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرَرٍ فِي ثَمَنٍ أَوْ مَثْمُونٍ أَوْ أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ، وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَلَا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ التَّدْلِيسُ، وَلَا الْغِشُّ وَلَا الْخِلَابَةُ وَلَا الْخَدِيعَةُ، وَلَا كِتْمَانُ الْعُيُوبِ، وَلَا خَلْطُ دَنِيءٍ بِجَيِّدٍ.

وَلَا أَنْ يَكْتُمَ مِنْ أَمْرِ

ــ

[الفواكه الدواني]

بِثَمَنِهِ، لَكِنْ شَرَطَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ تَقَعَ مِنْ جَمِيعِهِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ مِنْ بَعْضِهِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ عَيْنِيًّا، أَوْ طَعَامًا لَمْ يُقْبَضْ أَوْ قُبِضَ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ أَوْ غَابَ غَيْبَةً لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا، وَأَمَّا لَوْ غَابَ بِهِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا لَمْ تَجُزْ مِنْ الْبَعْضِ وَالطَّعَامُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَمَفْهُومُ الْمَكِيلِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ جَوَازُ الْإِقَالَةِ مِنْ الْجَمِيعِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا أَوْ مَكِيلًا بَعْدَ قَبْضِهِ بِالْأَوْلَى، وَشَرَطُوا لِجَوَازِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ أَنْ يَسْتَوِيَ عَقْدَاهُمَا فِيهِمَا حُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَفِي رَأْسِ الْمَالِ، وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْمُشْرِكُ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى الْمُشْرَكِ بِفَتْحِهَا أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ.

قَالَ خَلِيلٌ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَإِقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ وَتَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا فِيهَا، وَإِلَّا فَبِيعَ كَغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الطَّعَامِ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْقَرْضِ الْمِثْلِيِّ، رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا، وَمِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ أَنْ لَا بَأْسَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ لِمَا ذَكَرَ الْآخِذَ أَوْ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ.

الثَّانِي: إذَا قَالَ الطَّالِبُ لِلشَّرِكَةِ لِلْمُشْتَرَكِ لَهُ: أَشْرِكْنِي فَإِنْ سَمَّى لَهُ جُزْءًا مَعْلُومًا فَلَا إشْكَالَ، وَأَمَّا لَوْ أَطْلَقَ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ النِّصْفَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَسْئُولُ اثْنَيْنِ فَإِنْ سَأَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ، وَكَانَ السُّؤَالُ بِلَفْظِ أَشْرِكَانِي وَاسْتَوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا فَلَهُ الثُّلُثُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدٍ عَنْ غَيْرِهِ: أَشْرِكْنِي فَلَهُ نِصْفُ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ.

[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ عَقْدِ بَيْعٍ) ، وَهُوَ مَا تُمْلَكُ بِهِ الذَّاتُ وَقَدْ مَرَّ حَدُّهُ (وَ) عَقْدِ (إجَارَةٍ) ، وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَاقِلِ غَالِبًا (أَوْ) عَقْدِ (كِرَاءٍ) ، وَهُوَ مَا تُمْلَكُ بِهِ مَنْفَعَةُ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَقَدْ وَقَعَ مُتَلَبِّسًا (بِخَطَرٍ أَوْ غَرَرٍ) تَفْسِيرُ الْخَطَرِ وَحَقِيقَةُ الْغَرَرِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا شَكَّ فِي حُصُولِ عِوَضَيْهِ أَوْ الْمَقْصُودِ مِنْهُ غَالِبًا، وَالْغَرَرُ حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ (فِي ثَمَنٍ) ، وَهُوَ مَا يَدْفَعُهُ الْمُشْتَرِي (أَوْ) فِي (مَثْمُونٍ) ، وَهُوَ مَا يَدْفَعُهُ الْبَائِعُ، وَالْمُرَادُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ أَوْ هُمَا كَانَ الْعَقْدُ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ.

(وَ) كَانَ الْخَطَرُ فِي (أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ) وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ الْعِلْمُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِوَضًا، وَمُعَوَّضًا، وَالْأَصْلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الْعِوَضِ، فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَجُوزُ خَبَرُ كُلِّ الْوَاقِعُ مُبْتَدَأً، وَقُرِنَ بِالْفَاءِ لِمَا فِي كُلِّ مِنْ الْعُمُومِ فَاكْتَسَى شَبَهًا لِمَا شُرِطَ. مِثَالُ الْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً بِعَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ أَوْ صُنْدُوقِهِ، وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ. وَمِثَالُ الْغَرَرِ فِي الْمَثْمُونِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَبْدًا آبِقًا أَوْ دَابَّةً فِي السِّبَاقِ، وَلَوْ مُبَاحَةَ الْأَكْلِ أَوْ مُشْرِفَةً، وَهِيَ مُحَرَّمَةُ الْأَكْلِ. وَمِثَالُ الْغَرَرِ فِي الْأَجَلِ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى الْيَسَارِ أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ زَيْدٌ، ثُمَّ أَكَّدَ مَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ) قَالَ خَلِيلٌ: كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ غَيْرٍ أَوْ رِضَاهُ.

(وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ) كَبَيْعِهِ مَا فِي صُنْدُوقِهِ أَوْ مَا فِي يَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ. (وَلَا) الْبَيْعُ (إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ) كَأَبِيعُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ، وَالثَّمَنُ مِنْ أَوْلَادِهَا أَوْ حَتَّى يَحْصُلَ الْيَسَارُ (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الْحُكْمَ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ مُلْتَبِسًا بِغَرَرٍ وَحُكْمُهُ الْفَسْخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، فَإِنْ حَصَلَ الْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ الذَّاتِ فِي الْبَيْعِ أَوْ اُسْتُوْفِيَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ فَالْوَاجِبُ فِي الْبَيْعِ غُرْمُ قِيمَةِ السِّلْعَةِ حَيْثُ اُتُّفِقَ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ الثَّمَنِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِ، وَالْوَاجِبُ فِي الْمَنَافِعِ أُجْرَةُ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ.

الثَّانِي: يُسْتَثْنَى مِنْ الْغَرَرِ مَا قَلَّ، قَالَ خَلِيلٌ: وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ لِلْحَاجَةِ لَمْ يُقْصَدْ كَأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَكَالْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ، وَأَمَّا السَّمَكُ فِي الْمَاءِ أَوْ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ فَمُمْتَنِعٌ إجْمَاعًا وَأَمَّا بَيْعُ السِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فُلَانٌ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالرَّاجِحُ فِيهِ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَقَيَّدَ خَلِيلٌ الْغَرَرَ الْيَسِيرَ بِعَدَمِ قَصْدِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْيَسِيرِ الَّذِي يُقْصَدُ لِشِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِشَرْطِ حَمْلِهِ، حَيْثُ كَانَ حَمْلُهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ وَذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.

الثَّالِثُ: إنَّمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ عِلْمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَإِلَّا وَقَعَ فَاسِدًا حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ عَلَى خِيَارِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَائِعُ، وَلَا غَيْرُهُ نَوْعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَغَائِبٌ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ.

(وَ) كَذَا (لَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ التَّدْلِيسُ) ، وَهُوَ كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْعَقْدِ مَعَ ذِكْرِهِ. (وَلَا) يَجُوزُ فِيهَا (الْغِشُّ) ، وَهُوَ أَنْ يُحْدِثَ فِي السِّلْعَةِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>