للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

لِأَبْعَدَ، وَمِثْلُ شِرَاءِ غَيْرِهَا شِرَاءُ عَيْنِ مَا بَاعَ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ كَثِيرًا فِي جَوَازِ جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى مِثْلَهَا مِنْ نَوْعِهَا فَإِنْ كَانَتْ سِلْعَتُهُ مِثْلِيَّةً فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ وَالْأَوْلَى كَغَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلَّ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، فَالسِّلْعَةُ الْمِثْلِيَّةُ شِرَاؤُهَا أَوْ مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ فِي امْتِنَاعِ ثَلَاثِ صُوَرٍ، قَبْلَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَهِيَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ وَيَجُوزُ مَا عَدَاهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ زِيدَ عَنْ الثَّلَاثِ الْمَمْنُوعَةِ صُورَتَانِ، وَهُمَا: كَوْنُ الشِّرَاءِ الثَّانِي بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ. وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى مِثْلَ سِلْعَتِهِ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ كَمَا لَوْ كَانَتْ سِلْعَتُهُ فَرَسًا وَاشْتَرَى مِنْهُ فَرَسًا لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ سِلْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا، كَمَا تَجُوزُ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ أَوْ عِنْدَ اتِّفَاقِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ هَذَا الْبَابِ إذَا اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَالْجَوَازُ وَلَا يُنْظَرُ لِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ، وَكَذَا إذَا اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ فَالْجَوَازُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى اخْتِلَافِ الثَّمَنَيْنِ.

وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ إذَا اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ وَالثَّمَنَانِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ، فَإِنْ دَفَعَتْ قَلِيلًا وَعَادَ إلَيْهَا كَثِيرٌ فَالْمَنْعُ، وَإِلَّا فَالْجَوَازُ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: فَمَنْ بَاعَ بِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرَضٍ، فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ، وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَصُوَرُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً خَارِجَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعٍ، وَهِيَ صُوَرُ النَّقْدِ، وَلِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْأَجَلِ، وَلِأَبْعَدَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ مِثْلُ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، الْجَائِزُ تِسْعٌ وَالْمُمْتَنِعُ ثَلَاثٌ، وَهِيَ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلَّ كَشِرَاءِ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ.

(تَنْبِيهٌ) . عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ أَنْ تَكُونَ الْبَيْعَةُ الْأُولَى إلَى أَجَلٍ، وَكَوْنُ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا هُوَ الْبَائِعَ أَوَّلًا أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ، أَوْ الْبَائِعِ الثَّانِي هُوَ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَكَوْنُ السِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ ثَانِيًا هِيَ الْمُبَاعَةَ أَوَّلًا عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَالْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَكِيلُهُ أَوْ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَأْذُونُ حَيْثُ كَانَ يَتَّجِرُ لِلسَّيِّدِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ بِبَيْعِ الْآخَرِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ بَاعَ السَّيِّدُ ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدُ أَوْ عَكْسُهُ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ لِغَيْرِ نَفْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَكُرِهَ فَقَطْ، وَمِثْلُ شِرَائِهِ لِابْنِهِ الْمَحْجُورِ شِرَاءُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ.

وَأَمَّا عَكْسُ هَذَا، وَهُوَ شِرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَوْ شِرَاءُ مَحْجُورِهِ لَهُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلًّا إنَّمَا يَشْتَرِي بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَهُوَ كَشِرَاءِ الْبَائِعِ لِنَفْسِهِ.

١ -

(فَرْعَانِ عَزِيزَانِ مُنَاسِبَانِ لِلْبَابِ) الْأَوَّلُ: مَنْ طَلَبَ مِنْهُ شَخْصٌ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَامْتَنَعَ وَدَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا سِلْعَةً، وَبَعْدَ اشْتِرَائِهَا لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ بَاعَهَا لِطَالِبِ الْقَرْضِ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا، فَالظَّاهِرُ أَوْ الْمَجْزُومُ بِهِ حُرْمَةُ هَذَا الْفِعْلِ، وَأَحْرَى فِي الْمَنْعِ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ مِصْرَ تُجَّارُ الْبُنِّ مِنْ بَيْعِهِمْ الْبُنَّ لِشَخْصٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ يَبِيعُهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ يُعَجِّلُهُ إلَى الْمُشْتَرِي بَلْ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

١ -

الثَّانِي: مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ قَدْ حَلَّ أَجَلُهُ فَطَالَبَهُ بِهِ فَوَجَدَهُ مُعْسِرًا بِجَمِيعِهِ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ سِلْعَةً لَا تَفِي بِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، ثُمَّ بَاعَهَا لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْيَدِ وَعَادَتْ إلَيْهَا تُعَدُّ لَغْوًا، وَكَأَنَّهُ فَسَخَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ ابْتِدَاءً فَهُوَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ.

(خَاتِمَةٌ) . لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ وَقَعَ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ، بِأَنْ اشْتَرَى مَا بَاعَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ، وَمُحَصَّلُهُ: أَنَّ الْبَيْعَةَ الثَّانِيَةَ تُفْسَخُ؛ لِأَنَّهَا الْمَمْنُوعَةُ، وَالْأُولَى صَحِيحَةٌ هَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا يُفْسَخَانِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقُلْ إلَّا أَنْ يُفَوِّتَ الثَّانِيَ فَيُفْسَخَانِ، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ؟ . خِلَافٌ مَحَلُّهُ فِي فَسْخِ الْأَوَّلِ حَيْثُ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَهُوَ بَائِعُهَا الْأَوَّلُ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا فَسْخُ الثَّانِي فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ رَوْمًا لِلْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ بَالَغَ فِي اخْتِصَارِ الْمَسْأَلَةِ.

[بَيْع الجزاف]

وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ الْجُزَافِ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْجُزَافِ) وَحَقِيقَتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَهُ أَيْ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ بِالْفِعْلِ وَالْأَصْلُ مَعَهُ، وَلَكِنْ خَفَّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ، وَلِجَوَازِهِ شُرُوطٌ: أَحَدُهَا أَنْ يُصَادِفَ كَوْنُهُ جُزَافًا، فَلَا يَصِحُّ الْجُزَافُ الْمَدْخُولُ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ لِلْجَزَّارِ أَوْ الْعَطَّارِ أَوْ بَيَّاعِ الْفُولِ: اصْنَعْ لِي كَوْمًا مَثَلًا وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك، أَوْ يَقُولُ لِصَاحِبِ صُبْرَةٍ: امْلَأْ لِي هَذِهِ الْغِرَارَةَ بِكَذَا، أَوْ يَقُولُ لِلْجَزَّارِ: اعْطِنِي وَزْنَ هَذَا الْحَجَرِ الْمَجْهُولِ، أَوْ لِلْعَطَّارِ: امْلَأْ هَذِهِ الْوَرَقَةَ فُلْفُلًا مَثَلًا، فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الْجُزَافِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ شِرَاءِ الْفُولِ الْحَارِّ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ اللَّبَنِ بِأَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مِقْدَارًا فِي ظَرْفِهِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ.

وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهُ مُجَزَّفًا عِنْدَ الْجَزَّارِ أَوْ الْعَطَّارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَرَاهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ شِرَائِهِ إنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ بِأَنْ يَفْتَحَ وَرَقَةَ الْفُلْفُلِ أَوْ الْبُنِّ، وَالثَّانِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ زِيَادَةً، وَإِلَّا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ.

الثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَاضِرًا مَرْئِيًّا، وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَعْمَى

<<  <  ج: ص:  >  >>