للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِلْعَمَلِ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا شَرَطَا مِنْ الرِّبْحِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ وَيَسْتَوِيَا فِي الرِّبْحِ.

وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ

بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَقَدْ أُرْخِصَ فِيهِ بِنِقَارِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

وَلَا

ــ

[الفواكه الدواني]

لَا فَاتَ إنْ صَحَّتْ.

١ -

وَتَلْزَمُ شَرِكَةُ الْأَمْوَالِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، وَلَا يَكُونُ ضَمَانُ التَّالِفِ مِنْهُمَا إلَّا إذْ خَلَطَا الْمَالَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ بَقِيَتْ صُرَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهَا وَلَكِنْ جَعَلَ الْمَالَيْنِ فِي حَوْزِ وَاحِدٍ، وَإِلَّا كَانَ ضَمَانُ التَّالِفِ مِنْ رَبِّهِ، وَلَا تَصِحُّ بِذَهَبٍ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَوَرِقٍ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ، وَلَوْ عَجَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخْرَجَهُ لِاجْتِمَاعِ الشَّرِكَةِ وَالصَّرْفِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ إذَا أَخْرَجَ هَذَا طَعَامًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ وَلَوْ اتَّفَقَ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَصِفَةً وَقَدْرًا لِأَدَائِهِ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِبَقَاءِ يَدِ كُلٍّ عَلَى مَا بَاعَ، فَإِذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ بَائِعًا الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَوْ حَصَلَ خَلْطُ الطَّعَامَيْنِ.

١ -

وَشَرْطُهَا أَنْ يَدْخُلَا (عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) فَلَا تَجُوزُ إنْ دَخَلَا عَلَى التَّسَاوِي فِي الْمَالِ الْمُخْرَجِ وَالتَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ. (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ (الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا شَرَطَا مِنْ الرِّبْحِ لِكُلِّ وَاحِدٍ) وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ، فَإِذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْتِي بِرُبُعِ الْمَالِ وَيَعْمَلُ الرُّبُعَ وَلَهُ رُبُعُ الرِّبْحِ، وَالْآخَرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَمَلِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ جَازَتْ الشَّرِكَةُ.

(وَ) مَفْهُومُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ (لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ وَيَسْتَوِيَا فِي الرِّبْحِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخُسْرُ وَالْعَمَلُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ.

وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الْعَمَلِ، كَمَا تَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ، وَإِذْ وَقَعَتْ فَاسِدَةً بِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ. مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عِشْرِينَ مَثَلًا وَالْآخَرُ عَشَرَةً وَشَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ، وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَمِلَا فَإِنَّ الرِّبْحَ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ عَلَى صَاحِبِ الْعَشَرَةِ بِفَاضِلِ الرِّبْحِ، وَهُوَ السُّدُسُ، وَيَنْزِعُهُ مِنْهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ لِيَكْمُلَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِفَاضِلِ عَمَلِهِ، وَهُوَ أَجْرُ سُدُسِ الْعَمَلِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ، وَمَفْهُومُ الِاشْتِرَاطِ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِشَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ الرِّبْحِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ لَجَازَ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَلِّفَهُ أَوْ يَهَبَهُ شَيْئًا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالتَّبَرُّعُ فِي الْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ كَالْوَاقِعِ قَبْلَهُ. وَأَمَّا السَّلَفُ فِي الْعَقْدِ فَيَجُوزُ إلَّا لِكَبَصِيرَةٍ الْمُشْتَرِي، هَذَا مُحَصَّلُ مَعْنَى قَوْلِ خَلِيلٍ: وَلَهُ التَّبَرُّعُ وَالسَّلَفُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ.

١ -

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: أَجْمَلَ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ؟ ، وَمُحَصَّلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ خَلِيلٌ أَنَّهُ إنْ أَطْلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَتْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّصَرُّفُ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَقْبَلُ وَيُوَلِّي، وَيَقْبَلُ الْعَيْبَ، وَإِنْ أَبَى شَرِيكُهُ، وَإِنْ لَمْ يُطْلِقْ لَهُ بِأَنْ سَكَتَ كُلٌّ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حَجَرَ عَلَى صَاحِبِهِ بِاللَّفْظِ كَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَيْ إذْنٍ، وَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي هَذِهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.

الثَّانِي: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِشَرِكَةِ الْجَبْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَدَّهَا، وَيُمْكِنُ رَسْمُهَا بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَخْصٍ الدُّخُولَ مَعَ مُشْتَرٍ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ مِنْ سُوقِهَا الْمُعَدِّ لَهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالْوَجْهُ الْمَخْصُوصُ كَوْنُ الشُّرَاةِ لِلتِّجَارَةِ فِي الْبَلَدِ لَا إنْ اشْتَرَاهَا لِلسَّفَرِ بِهَا وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُنْيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ سُوقِهَا، وَأَنْ يَكُونَ مُرِيدُ الدُّخُولِ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ حَاضِرًا لِشِرَائِهَا وَسَاكِتًا لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ أَمْ لَا، فَإِذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ فِي الْحَاضِرِ قُضِيَ لَهُ بِالدُّخُولِ قَهْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي، كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ طَلَبَ الْمُشَارَكَةَ مِنْ الْحَاضِرِ لِخَسَارَةٍ مَثَلًا وَأَبَى الْحَاضِرُ لَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ مَعَ الْمُشْتَرِي، وَمَفْهُومُ بَقِيَّةِ الْقُيُودِ مَبْسُوطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ

١ -

وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا الْكَلَامَ عَلَى شَرِكَةِ الذِّمَمِ وَيُقَالُ لَهَا شَرِكَةُ الْوُجُوهِ، وَهِيَ فَاسِدَةٌ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ، وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِبَيْعِ الْوَجِيهِ مَالَ الْخَامِلِ بِحِصَّةٍ مِنْ رِبْحِهِ، وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالشِّرَاءِ بِلَا مَالٍ حَاضِرٍ بَلْ فِي الذِّمَّةِ، وَوَجْهُ فَسَادِهَا مَا فِيهَا مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ النَّاسِ لَا يُحِبُّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ إلَّا مِنْ الْأَمْلِيَاءِ أَوْ مِنْ سِلَعِ غَيْرِ الْخَامِلِ.

الثَّالِثُ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ فِي الْمُتَشَارِكَيْنِ، فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَا رَجُلَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَرْأَةِ الْمُشَارِكَةِ لِلرَّجُلِ مُتَجَالَّةً أَوْ شَابَّةً لَا تُبَاشِرُ التَّصَرُّفَ. وَأَمَّا مُشَارَكَةُ الشَّابَّةِ لِرَجُلٍ مَعَ مُبَاشَرَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مُحَادَثَةَ الشَّابَّةِ لِلرِّجَالِ ذَرِيعَةٌ لِلْفَسَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ حَيْثُ كَانَ التَّصَرُّفُ بِحُضُورِهِمَا أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا مَعَ غَيْبَةِ الْمُسْلِمِ فَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

١ -

الرَّابِعُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا نَفَقَةَ الشَّرِيكِ هَلْ مِنْ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْحُكْمُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ الْإِنْفَاقَ وَالِاكْتِسَاءَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَتُلْغَى نَفَقَتُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>