للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْحَاضِرِ بَعْدَ السَّنَةِ وَالْغَائِبِ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ.

[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي.

وَيُوقَفُ الشَّفِيعُ فَإِمَّا أَخَذَ أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ وَلَكِنِّي اسْتَحْسَنْته فَهِيَ إحْدَى مُسْتَحْسَنَاتِهِ الْأَرْبَعِ، وَأَلْحَقَ أَصْحَابُهُ بِالثِّمَارِ الْمَقَاثِيَ وَالْقُطْنَ وَالْبَاذِنْجَانَ وَالْقَرْعَ وَكُلَّ مَا تَجِيءُ ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ الثَّمَرَةُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَيَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي، وَثَانِيَتُهَا الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ بِالْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ أَوْ الْمُعَارَةِ، وَثَالِثَتُهَا الْقِصَاصُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَرَابِعَتُهَا فِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، فَهَذِهِ الْأَرْبَعُ اسْتَحْسَنَهَا الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَهُ أَحَدٌ بِهَا.

الثَّالِثُ: عُلِمَ مِنْ قَصْرِ الشُّفْعَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ عَدَمُ ثُبُوتِهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْبُقُولِ وَالزَّرْعِ، فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الزَّرْعِ حِصَّتَهُ مِنْهُ بَعْد يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ، سَوَاءٌ بَاعَهَا مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَ الْأَرْضِ، وَتَكُونُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَفَرَّقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ بِأَنَّ النَّخْلَ إذَا بِيعَتْ وَفِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَالْأَرْضُ إذَا بِيعَتْ وَفِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا شُفْعَةَ لِلْحَاضِرِ) فِي بَلَدِ الشِّقْصِ يَوْمَ بَيْعِهِ وَلَوْ حَضَرَ الْعَقْدَ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ (السَّنَةِ) وَمَا قَارَبَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِبَيْعِ حِصَّتِهِ، خِلَافًا لِتَفْصِيلِ ابْنِ رُشْدٍ بَيْنَ حُضُورِهِ لِلْعَقْدِ وَكِتَابَتِهِ خَطَّهُ فَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ عَقْدَ الشِّرَاءِ أَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ وَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ السُّكُوتِ مُسْقِطًا، وَمَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ شَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ وَإِلَّا سَنَةً.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: إنَّمَا يَكُونُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُسْقِطًا لِشُفْعَةِ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ عَاقِلًا بَالِغًا رَشِيدًا عَالِمًا بِالْبَيْعِ وَلَا عُذْرَ لَهُ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ أَوْ يَزُولَ الْعُذْرُ فَيَنْزِلَ مَنْزِلَةَ مَنْ كَانَ حَاضِرَ الْعَقْدِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بَعْدَ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا.

الثَّانِي: مَحَلُّ كَوْنِ الشَّفِيعِ عَلَى شُفْعَتِهِ فِي السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا بِشَرْطِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِهَا وَإِلَّا سَقَطَتْ وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ أَوْ طَلَبَ مُقَاسَمَةَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُقَاسِمْ بِالْفِعْلِ أَوْ اشْتَرَى أَوْ سَاوَمَ أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ.

(وَ) مَفْهُومُ الْحَاضِرِ أَنَّ (الْغَائِبَ) عَنْ الْبَلَدِ يَوْمَ الْبَيْعِ يَسْتَمِرُّ (عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ) أَوْ عَلِمَ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ زَمَنَ غَيْبَتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ حَتَّى غَابَ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَاضِرِ الْعَالِمِ بِالْبَيْعِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا مِنْ يَوْمِ قُدُومِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَيَّدَهَا أَشْهَبُ بِالْبَعِيدَةِ، وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ الَّتِي لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهَا فَكَالْحَاضِرِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِمْ: وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَعَلِمَ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ وَغَابَ بَعْدَ عِلْمِهِ وَقَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ يَغِبْ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَغِبْ إلَّا لِظَنِّهِ الرُّجُوعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ غَيْبَةَ الشَّفِيعِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ عَلَى شُفْعَتِهِ فِيهِمَا مُطْلَقًا بَعْدَ الْبَيْعِ، وَالْعِلْمُ يَكُونُ كَالْحَاضِرِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ سَافَرَ لِيَرْجِعَ سَرِيعًا فَعِيقَ، وَلَمَّا كَانَ الشِّقْصُ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ مِنْ يَدِ الشَّفِيعِ أَوْ يَظْهَرُ بِهِ عَيْبٌ، وَكَانَ الْمُشْتَرَى لَهُ كَالْبَائِعِ وَالشَّفِيعُ كَالْمُشْتَرِي.

قَالَ: (وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ) كَائِنَةٌ (عَلَى الْمُشْتَرِي) وَالْمَعْنَى: أَنَّ الشِّقْصَ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الشَّفِيعِ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَمَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ عَلَيْهِ كَمُشْتَرِي سِلْعَةٍ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهَا فَتُسْتَحَقُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِثَمَنِهَا عَلَى بَائِعِهَا وَيَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ الشِّرَاءِ، فَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رُجُوعُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَدَرْكُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لُحُوقُهُ لِأَنَّ الدَّرْكَ هُوَ اللُّحُوقُ، يُقَالُ: أَدْرَكَ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا لَحِقَهُ، فَدَرْكٌ اسْمُ مَصْدَرٍ إنْ كَانَ الْفِعْلُ أَدْرَكَ، وَمَصْدَرٌ إنْ ثَبَتَ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْفِعْلَ دَرَكَ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَتَفْسِيرُ الدَّرْكِ بِاللُّحُوقِ لَعَلَّهُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَا ظُهُورُ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ الدَّرْكُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ أَثَرَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ إلَّا بَعْدَ تَعَدُّدِ الْبِيَاعَاتِ، وَأَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ وَنَقَضَ مَا بَعْدَهُ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهَا أَوْ عَلِمَ فِي غَيْبَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا بِتَعَدُّدِهَا فَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالْأَخِيرِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ بِشَرِكَةِ غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَمَا إذَا كَانَ عِشْرِينَ مَثَلًا وَالْأَخِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>