للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرَكَ.

وَلَا تُوهَبُ الشُّفْعَةُ وَلَا تُبَاعُ.

وَتُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ.

وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حَبْسٌ إلَّا بِالْحِيَازَةِ.

[أَحْكَام الْهِبَة]

فَإِنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

عَشَرَةٌ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلْأَخِيرِ عَشَرَةً وَيَدْفَعُ الْعَشَرَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ دَفَعَ لَهُ عَشَرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ.

الثَّانِي: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَسْأَلَتَانِ الْعُهْدَةُ فِيهِمَا لَيْسَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلْ عَلَى الْبَائِعِ، إحْدَاهُمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ عَامِلُ الْقِرَاضِ بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا هُوَ شَفِيعُهُ. وَثَانِيَتُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا وَرَبُّ الْمَالِ هُوَ شَفِيعُهُ فَإِنَّ عُهْدَةَ الشَّفِيعِ فِي هَاتَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِمَا لَضَاعَ الثَّمَنُ عَلَى دَافِعِهِ.

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ الْحَاضِرِ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ عَلَى شُفْعَتِهِ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إيقَافُ الشَّفِيعِ وَطَلَبُهُ لِيَأْخُذَ أَوْ يُسْقِطَ حَقَّهُ قَالَ: (وَيُوقِفُ) الْمُشْتَرِي (الشَّفِيعَ) مَفْعُولُ يُوقِفُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلُزُومِهِ (فَإِمَّا أَخَذَ أَوْ تَرَكَ) فَإِنْ أَخَذَ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَلَوْ دَيْنًا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَعَقْدِ شِرَاءٍ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ، وَقِيمَةُ الشِّقْصِ فِي كَخَلْعٍ وَصُلْحِ عَمْدٍ وَجُزَافِ نَقْدٍ، وَقَوْلُنَا: بَعْدَ وُقُوعِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ لِأَنَّهُ لَوْ طَالَبَهُ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِسْقَاطُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَطُولِبَ بِالْأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ لَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فِي الْعِتْقِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الْفُرُوجِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُوقَفُ الشَّفِيعُ أَنَّهُ يُوقِفُهُ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُوقِفُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عِنْدَ سُكُوتِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ، وَإِذَا اخْتَارَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي قَدْ وَهَبَ الشِّقْصَ أَوْ حَبَسَهُ فَإِنَّ لَهُ نَقْضَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَلَوْ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَتُجْعَلُ الْأَنْقَاضُ فِي حَبْسٍ آخَرَ، وَثَمَنُ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ لَهُ شَفِيعًا.

الثَّانِي: إذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الْمُهْلَةَ عِنْدَ إيقَافِهِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَاسْتَعْجَلَ إنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي إلَّا كَسَاعَةٍ، وَاخْتُلِفَ فِي تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِيقَافِ.

وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا: لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَرْكُ التَّصَرُّفِ حَتَّى يَعْلَمَ الشَّفِيعُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَرْكُ الْبَيْعِ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ خِلَافًا لِفَتْوَى ابْنِ رِزْقٍ.

وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ: لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ قَبْلَ إيقَافِ الشَّفِيعِ.

(وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (تُوهَبَ الشُّفْعَةُ وَلَا تُبَاعُ) وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَهَبَ أَوْ يَبِيعَ الشِّقْصَ الَّذِي لَهُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لِلْمُشْتَرِي فَتَجُوزُ الْهِبَةُ دُونَ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَا قَبْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك وَلَكِنْ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهَا لِشَخْصٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ.

(وَ) إذَا تَعَدَّدَ الشَّفِيعُ فَإِنَّ الْحِصَّةَ الْمَأْخُوذَةَ بِالشُّفْعَةِ (تُقَسَّمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ) عِنْدَ اخْتِلَافِهَا، فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا، وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا، وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهَا، فَبَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ ثُلُثَهُ لِغَيْرِ الشُّرَكَاءِ، فَإِنَّ الثُّلُثَ يُقَسَّمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَرْبَاعًا، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ الرُّبُعُ الْبَاقِي، وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَنْصِبَاءُ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَطَاحُونٍ وَمَعْصَرَةٍ وَفُرْنٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى الرُّءُوسِ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُنَا: لِغَيْرِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الشُّرَكَاءِ لَتَرَكَ لَهُ حِصَّتَهُ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَتَرَكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّةً، فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِأَحَدِهِمْ الرُّبُعُ وَلِآخَرَ الثُّمُنُ وَلِآخَرَ الثُّمُنُ أَيْضًا وَلِآخَرَ النِّصْفُ فَبَاعَهُ لِصَاحِبِ الرُّبُعِ فَإِنَّ لِصَاحِبَيْ الثُّمُنَيْنِ أَنْ يَأْخُذَا بِالشُّفْعَةِ نِصْفَ الْمَبِيعِ وَبَاقِيهِ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا.

(تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الشُّرَكَاءِ غَيْرِ الْوَرَثَةِ، وَإِلَّا فَيَخْتَصُّ بِالشُّفْعَةِ الْمُشَارِكُ لِلْبَائِعِ فِي سَهْمِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ وَإِنْ كَانَ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا، وَإِذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ زَوْجَاتٌ وَأَخَوَاتٌ مَثَلًا فَبَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَاتِ فَحِصَّتُهَا بَيْنَ بَقِيَّةِ الزَّوْجَاتِ وَلَا دُخُولَ لِغَيْرِهِنَّ مِنْ الْأَخَوَاتِ إلَّا إذَا أَسْقَطَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الشُّفْعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْهِبَةِ وَقَدَّمَ تَعْرِيفَهَا فَقَالَ: (وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ) لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ أَوْ لِقَصْدِ الثَّوَابِ فِي الدُّنْيَا. (وَلَا صَدَقَةٌ) وَهِيَ الْعَطِيَّةُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ أَوْ لَهُ مَعَ وَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ. (وَلَا حُبُسٌ) وَهُوَ مَا أُعْطِيت مَنْفَعَتُهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَارِيَّةِ وَلَا الْعُمْرَى بَلْ عَلَى وَجْهِ الْوَقْفِيَّةِ (إلَّا بِالْحِيَازَةِ) قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ مِنْهَا، وَحَقِيقَتُهَا فِي عَطِيَّةِ غَيْرِ الِابْنِ رَفْعُ تَصَرُّفِ الْمُعْطَى فِي الْعَطِيَّةِ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطِي أَوْ نَائِبِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْحَوْزِ فِي الْحُبُسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْعَطَايَا، فَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ لَمْ تَنْفَعْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ حَتَّى تَشْهَدَ عَلَى الْقَبْضِ لِأَنَّ الْحِيَازَةَ شَرْطٌ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>