للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَعْمَرَ عَقِبَهُ فَانْقَرَضُوا بِخِلَافِ الْحُبُسِ فَإِنْ مَاتَ الْمُعْمِرُ يَوْمَئِذٍ كَانَتْ لِوَرَثَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ مِلْكًا.

[أَحْكَام الْعُمْرَى]

وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْحُبُسِ فَنَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ.

وَيُؤْثَرُ فِي الْحُبُسِ أَهْلُ الْحَاجَةِ بِالسُّكْنَى وَالْغَلَّةِ وَمَنْ سَكَنَ فَلَا يَخْرُجُ لِغَيْرِهِ إلَّا

ــ

[الفواكه الدواني]

لِرَبِّهَا) إنْ كَانَ حَيًّا (وَكَذَلِكَ) تَرْجِعُ مِلْكًا لِرَبِّهَا إنْ كَانَ حَيًّا (إنْ أَعْمَرَهَا عَقِبَهُ) أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَنْ قَالَ: أَعَمَرْت أَوْلَادَك فَقَطْ (فَانْقَرَضُوا) وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْمَرَهُ وَعَقِبَهُ بِأَنْ قَالَ: أَعَمَرْتُك وَوَارِثَك فَإِنَّهَا تَكُونُ لِوَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَبَعْدَ انْقِرَاضِ وَارِثِهِ تَرْجِعُ مِلْكًا لِرَبِّهَا، وَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ: إعْمَارُهَا فَقَطْ، عَقِبُهُ فَقَطْ، إعْمَارُهُ مَعَ عَقِبِهِ. (بِخِلَافِ الْحُبُسِ) فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبِسِ عَلَيْهِ مِلْكًا لِرَبِّهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ حُبُسًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عُصْبَةِ الْمُحْبِسِ وَامْرَأَةٌ لَوْ رَحَلَتْ لَعَصَبَتْ (فَإِنْ مَاتَ الْمُعْمِرُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (يَوْمَئِذٍ) أَيْ يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ مَاتَ الْعَقِبُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُعْمَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. (كَانَتْ) أَيْ الدَّارُ (لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْمُعْمِرِ بِكَسْرِ الْمِيمِ (يَوْمَ مَوْتِهِ) لَا يَوْمَ الْمَرْجِعِ إذَا مَاتَ عَنْ ابْنِ رَقِيقٍ أَوْ كَافِرٍ وَأَخٍ أَوْ عَمٍّ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَمُتْ الْمُعْمَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ حَتَّى عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ الِابْنُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا حِينَ مَوْتِهِ، وَقَوْلُهُ (مِلْكًا) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الْعَائِدِ عَلَى الدَّارِ لِتَأَوُّلِهِ بِمَمْلُوسَةٍ، أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ رَجَعَتْ رُجُوعَ مِلْكٍ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: قَصَدَ بِبَيَانِ صِفَةِ رُجُوعِ الْعُمْرَى مِلْكًا الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ: الْمُعَقَّبَةُ لَا تَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى مَنْ قَالَ: تَرْجِعُ الْمُعْقِبَةُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ، وَأَمَّا مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ» فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا لَا تَرْجِعُ لِلَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا، لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمُوَارَثَةُ، فَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَالِكٌ لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْعُمْرَى لَا تَتَقَيَّدُ بِالْعَقَارِ، كَمَا لَا تَتَقَيَّدُ بِعُمْرِ الْمُعْمَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَلَا بِلَفْظِ أَعَمَرْتُك، فَلَوْ قَالَ لَهُ: وَهَبْت لَك غَلَّتَهَا مُدَّةَ عُمْرِك كَانَتْ عُمْرَى.

[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْحُبُسِ) وَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ (فَنَصِيبُهُ) مُوَزَّعٌ (عَلَى مَنْ بَقِيَ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ كَقَوْلِهِ: هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَمْ يُرَتِّبْ، فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ، وَلَا يُمْنَعُ وَلَدُ الْوَلَدِ لِوُجُودِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَتِّبْ، وَلِذَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَوْ لِآبَائِهِمْ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْعَ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ أَصْلِهِ وَلَوْ صَغِيرًا فِي غَيْرِ دُورِ السُّكْنَى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ بُيُوتَ سُكْنَى فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَلَدُ الذَّكَرُ مَعَ أَبِيهِ إلَّا إذَا تَزَوَّجَ، وَأَمَّا الْأُنْثَى فَلَا تُعْطَى لِأَنَّهَا فِي كَفَالَةِ أَبِيهَا، وَأَمَّا إذَا قَالَ: عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَهَكَذَا، فَإِنْ مَنْ مَاتَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ لِأَخِيهِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدُ وَلَدٍ، وَلَوْ قَالَ: الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ السُّفْلَى لِأَنَّ مُرَادَ الْوَاقِفِ بِقَوْلِهِ: الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ السُّفْلَى أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَ نَفْسِهِ لَا فَرَعَ غَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) وَإِذَا قُسِمَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمُعَيَّنِينَ فَيُعْطَى لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَتُعْطَى الْأُنْثَى مِثْلُ الذَّكَرِ لِأَنَّ شَأْنَ الْعَطَايَا التَّسَاوِي إلَّا لِشَرْطٍ خِلَافِهِ، فَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ إلَّا فِي مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ فَلَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ، وَيُسَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلَا يُزَادُ الْفَقِيرُ دُونَ الْغَنِيِّ، لِأَنَّ الْإِيثَارَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. (تَتِمَّةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسَائِلَ حِسَانٍ عَزِيزَةِ الْوُجُودِ) (مُلَخَّصَةٍ مِنْ كَلَامِ عَلَّامَةِ الزَّمَانِ الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ) مِنْهَا: لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ غَلَّةَ ثَمَرَةٍ ثُمَّ يَمُوتُ بَعْضُ أَهْلِ الْحُبُسِ قَبْلَ أَخْذِ الثَّمَرَةِ فَفِي اسْتِحْقَاقِهِ مِنْهَا وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ تَفْصِيلٌ مُحَصَّلُهُ: إنْ كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَحَظُّ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ إبَارِهَا فَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِبَارِ وَقَبْلَ الطِّيبِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْهَا: أَنْ تَكُونَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْحُبُسِ وَهَذَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنِينَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى مِثْلِ بَنِي زُهْرَةَ أَوْ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ أَحَدٌ شَيْئًا إلَّا مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْقِسْمَةِ، وَكُلُّ مَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ قَبْلَهَا غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ لَا يُعْطَى وَارِثُهُ شَيْئًا، وَأَمَّا مَنْ غَابَ لِيَرْجِعَ سَرِيعًا فَيُوقَفُ لَهُ نَصِيبُهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَمِنْهَا الْحُبُسُ عَلَى قَوْمٍ لِلِاغْتِلَالِ كَالدُّورِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَيُرِيدُونَ قِسْمَتَهُ فَهَلْ يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِتَرَاضِيهِمْ قِسْمَةَ انْتِفَاعٍ أَوْ اغْتِلَالٍ بِشَرْطِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَقْتَضِي نَقْضَهَا مِنْ زِيَادَةِ عَدَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>