للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَمَةِ يَطَؤُهَا وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ أَوْ تُقَوَّمَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

كَانَ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ تَأْدِيبُهُ اسْتِصْلَاحًا لِحَالِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَالِغًا دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ الْفَاعِلَ حُدَّ بِشَرْطِ إطَاقَةِ الْمَفْعُولِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ بِأَنْ بَلَغَ الْمَفْعُولُ دُونَ الْفَاعِلِ فَلَا حَدَّ، وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ الْمَفْعُولُ كَاَلَّذِي يَفْعَلُ بِنَفْسِهِ،

وَلَمَّا اشْتَرَطَ فِي لُزُومِ الْحَدِّ عَدَمُ الشُّبْهَةِ لِلْفَاعِلِ فِي الْمَفْعُولِ بِهِ قَالَ: (وَيُحَدُّ) الْوَلَدُ الْمُكَلَّفُ (الْوَاطِئُ أَمَةَ وَالِدِهِ) أَوْ وَالِدَتِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ أَصْلِهِ وَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَلَا تُحَرَّمُ عَلَى الْأَبِ بِوَطْءِ ابْنِهِ وَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالزِّنَا حَلَالٌ، وَإِذَا وَلَدَتْ كَانَ وَلَدُهُ رَقِيقًا وَلَا يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِ الْأُمِّ، وَلَوْ قَالَ: وَيُحَدُّ الْفَرْعُ بِوَطْءِ أَمَةِ الْأَصْلِ لَكَانَ أَشْمَلَ،

وَأَمَّا عَكْسُ هَذَا فَلَا حَدَّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُحَدُّ) الْأَصْلُ الـ (وَاطِئُ أَمَةَ وَلَدِهِ) الْمُرَادُ أَمَةُ فَرْعِهِ وَإِنْ سَفَلَ، لِأَنَّ لِلْأَصْلِ شُبْهَةً فِي مَالِ الْفَرْعِ لِخَبَرِ: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» (وَ) لَكِنْ (تُقَوَّمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَصْلِ وَلَوْ جَدًّا لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ لِأَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ فِي ذَلِكَ، وَفِي الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ، وَفِي عَدَمِ قَتْلِهِ بِقَتْلِ فَرْعِهِ إلَّا إذَا ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ، وَفِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ بِالتَّثْلِيثِ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى تَقْوِيمِ جَارِيَةِ الْوَلَدِ عَلَى أَصْلِهِ بِوَطْئِهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ) سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا قَالَ خَلِيلٌ: وَمُلِّكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْأَبِ بَعْدَ غُرْمِ قِيمَتِهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا إنْ أَرَادَ الِاسْتِمْرَارَ عَلَى وَطْئِهَا لِيُفَرِّقَ بَيْنَ مَاءِ الشُّبْهَةِ وَالْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ لِلْأَبِ وَطْؤُهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لِلِابْنِ وَطْءٌ وَإِلَّا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَحَرُمَتْ عَلَيْهِمَا إنْ وَطِئَاهَا، وَلَكِنْ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِوَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ تَحْمِلْ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَا تُبَاعُ، وَإِنَّمَا تُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا لَهُ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهَا الْحُرِّيَّةَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ وَالْوَلَدُ حُرَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ عَبْدًا وَالْأَبُ حُرًّا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الرَّقِيقُ الْأَبَ لَكَانَتْ الْقِيمَةُ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ، فَإِنْ فَدَاهُ تَعَيَّنَتْ الْأَمَةُ لَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ الْوَلَدَ فِي قِيمَةِ الْأَبِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى الْأَمَةُ لِلْأَبِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لِأَنَّهُ أَخُو السَّيِّدِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْوَلَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَهُ السَّيِّدُ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَقْفَهْسِيُّ.

(وَيُؤَدَّبُ الشَّرِيكُ فِي الْأَمَةِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (يَطَؤُهَا) عَالِمًا بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْأَدَبِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ جَاهِلٍ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي وَطْئِهَا، لِأَنَّ فَرْجَهَا لَا يُبَاحُ لَهُ بِمُجَرَّدِ إذْنِ شَرِيكِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ.

(وَيَضْمَنُ) الشَّرِيكُ الْوَاطِئُ بَعْدَ الْأَدَبِ لِشَرِيكِهِ.

(قِيمَتَهَا) أَيْ قِيمَةَ حِصَّتِهِ (إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) وَقَدْ حَمَلَتْ مِنْهُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُلْزِمَهُ بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَتْبَعَ ذِمَّتَهُ أَوْ يُجْبِرَهُ عَلَى بَيْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْهَا لَكِنْ بَعْدَ وَضْعِهَا، إذْ لَا تُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ لِأَنَّ وَلَدَهَا مِنْهُ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ، فَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنَ النِّصْفِ اُتُّبِعَ بِالْبَاقِي كَمَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ فِي قَسَمِ الْعُسْرِ، وَأَمَّا فِي قَسَمِ الْيُسْرِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ.

(فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ) بِحِصَّتِهِ وَيَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْشٍ وَلَا صَدَاقٍ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ لِشَرِيكِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا.

(أَوْ تُقَوَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَاطِئِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَلَهُ اتِّبَاعُهُ بِقِيمَتِهَا أَوْ جَبْرُهُ عَلَى بَيْعِهَا وَلَوْ كُلَّهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِهِ وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ وَإِلَّا فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا أَوْ مُفَادَاتُهَا، وَمُحَصَّلُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّرِيكَ إنْ أَذِنَ لِشَرِيكِهِ فِي الْوَطْءِ وَوَطِئَ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا حَمَلَتْ أَمْ لَا، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ سِوَى قِيمَةِ حِصَّتِهِ وَلَا قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا تُبَاعُ إنْ حَمَلَتْ وَيُتَّبَعُ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَتُبَاعُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ إلَّا قِيمَةُ حِصَّتِهِ إنْ أَيْسَرَ الْوَاطِئُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي هَذَا الْفَرْضِ، وَلَا يَجُوزُ لَلشَّرِيكِ التَّمَاسُكُ بِحِصَّتِهِ مِنْهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوَطْءِ، وَأَمَّا إنْ أَعْدَمَ الْوَاطِئُ فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ إلْزَامِ الْوَاطِئِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَيَتَّبِعُهُ بِهَا فِي ذَمِّهِ أَوْ يُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا لَكِنْ بَعْدَ وَضْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنَ نِصْفِهَا اُتُّبِعَ بِبَاقِي الْقِيمَةِ كَمَا يُتَّبَعُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ فِي الْوَلَدِ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ، وَهَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةَ لَاحِقٌ بِأَبِيهِ فِي كُلِّ الصُّوَرِ وَهُوَ حُرٌّ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ وَإِنْ بِيعَتْ أُمُّهُ، لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُبَاعُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا هَذِهِ وَوَلَدُهُ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ، وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِهَا بَعْدَ وَضْعِ حَمْلِهَا فَاَلَّذِي يُبَاعُ هُوَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنَهُ وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَوْ كُلَّهَا.

الثَّانِي: لَوْ تَأَخَّرَ تَقْوِيمُ الْأَمَةِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>